ياأمة أجدبتْ بِكْراً رَوابيهـــا واسْتَرْخَصَتْ هِمَماً أعْلَتْ مَراميهـا
عاثَتْ بِجَدْوَلِها الأَهْـواءُ فَاخْتنقتْ أزهَـارُهُ ونَـما فِطْـرٌ بِعـاليهـا
يَبْكي الزَّمـانُ رِجالاً مُخْلصينَ بَنَواْ مَجْـداً عَلى قِيَمٍ شادَتْ بِبانيهـا
والحرْفُ باكٍ يُناجي الفَنَّ في لغـةٍ تَبْكيهِ إن ذَكَرَتْ نَكْهَ البِلَى فيهـا
ياأمـةً سَئِمَتْ ذُلَّ الخنوعِ فَمـا خَفّ الـمُصابُ وَلا جَفّتْ مآقيهـا
جَـاءتْ كَذي عِلّـةٍ يَنْأى بعلّتهِ يُخْفـي مَكامِنَها كَيْمـا يُواريهـا
أنتِ التي ضَمن التَّوحيدُ عِزّتَـهـا إذْ أخْلَصَتْ دينها لله باريـهـا
عَمَّتْ مَحاسِنُهـا الدُّنيا وقدْ كثُرتْ أفضالُها فَغَدَتْ كُثْراً أَعاديـهـا
لسانُها لغـةُ الفُرْقانِ شَـرّفَها فَمِنْ مَقـاطعِـهِ التّجـويدُ راويـها
الشِّـعرُ كلَّلها تاجاً زُمُـرُّدهُ جِرْسُ القَـوافي عَلى وَزْنٍ يُنـاغيهـا
كَمْ شيّدتْ مِنْبراً لِلْعلمِ في أممٍ وَكَمْ سَقَتْ مِنْ قَراحِ العَدْلِ صاديهـا
حتى دَهَى الْخَطْبُ سُلْطان الذينَ َنأوْا عَنْ نَهْجِ مَفْخَرَةٍ ضاءتْ لياليهـا
لـمَّا بَكى يَنْدِبُ الرَّنْدِيُّ "أندلسا" آلَتْ لِـمَسْكَنَةٍ هَدّتْ سَواريهـا
إذْ ذاك نامَتْ عُيونُ النَّاعِمينَ وَهَلْ تُصْغي الرُّفاةُ لِمَفْجوعٍ يُنـاديهــا
ياابنَ النفيسِ! دِماءُ الصّدْرِ فائرةٌ مِنْ كِذْبةٍ زَيّنَتْ في الطِّبِّ حاكيهـا
وياابنَ حيّانَ! هذا التِّبْـرُ مُتَّسِـخٌ طغـتْ شَوائبـهُ زُوراً بِدانيهـا
وياابن خلدونَ! أَضْحَى العِلْمُ بَعْدَكمُ نـخاسَةً فَتَحُوا بِالْغَرْبِ ناديهـا
وياابنَ سينا لِـمَ "القانونُ" بَاتَ عَلى رفِّ المتاحِفِ؟ أمْ ذِكْرى لنا فيها
لعـلَّ أرواحَهُمْ، آذانُـها سَمِعَتْ وَلَيْتَ فيـمنْ أُنـادي الآن واعيهـا
النومُ يحلو لِمُسْـتَرْخٍ وَذي كَسَلٍ واليأسُ يخْنُقُ نَفْسَ الحُرِّ سـاميـهـا
والبحرُ منْ حَرَكاتِ الْمَوْجِ هَيْبَتُهُ والأرضُ إنْ خَمِلتْ فُـتَّـت ْرَواسيها
قُومُوا اقْتُلوا اليأسَ في رُوحِ الشّبابِ فَكَمْ ضاعَتْ لنا هِمَمٌ! وَلْنُحْي باقيها
طالَ الـمنامُ بِكُمْ، قُومُوا بَنِي وَطَني وأَدْرِكُوا حُـرَّةً قَدْ نـام راعيهـا
اليومَ يُسرَقُ مِنْها لُبُّ حـاضِرِها كَدَأْبِ منْ سَرَقُوا أَمْجـادَ ماضيهــا
أَرَى بِذِي الشُّرُفاتِ النَّجْمَ مُؤتلقاً يَسْقي العُقُولَ ضِيَـاءً طابَ ساقيهـا
إني شَكَوْتُ كُلُـومَ النَّفسِ في كَلِمٍ والآهُ في زَفْرَتي بـانَتْ مَعانيهــا



رد مع اقتباس


