أيُّها الثاوي فَوْقَ دَرْبِ الغِيَابِ
وَسِّدِ القَلْبَ فِيْ هَنِيِّ الرِّكَابِ
وامْتَطِ البُعْدَ إنَّ نَفْسيْ كَدَمْعٍ
يَتَرَامَى فِيْ خَافِقِ الأهْدَابِ
ثُمَّ غِبْ فِيْ غُرُوْبِ عَهْدِيْ بَعِيْدَاً
إنَّ عَهْدِيْ كَوَاحَةٍ مِنْ سَرَابِ
فِيْ هُدُوْءٍ تَوَارَ عَنْ كُلِّ حَيٍّ
نَاشِلاً بُعدِيْ مِنْ حَنايَا اقْتِرَابِيْ
ما هَجَرْتُ السَّفِيْنَ لكِنَّ قَلْبِيْ
حَالَ وَمْضَاً عَلَى بَعِيْدِ العُبَابِ
يَابِلادَاً تَََزَاحَمَ الصَّمْتُ فِيْهَا
وَتغَافَتْ عَلَى ذِرَاعِ الضَّبَابِ
وَتَلاشَتْ فِيْ أمْسِنَا كَأصِيْلٍ
قَدْ تَرَامَـى بعَادِيَاتِ السَّحَابِ
وَتَنَاءَتْ عَنْ كُلِّ طَرْفٍ وَهَمْسٍ
فِيْ غَرِيْبِ الأزْمَانِ والأحْقَابِ
مِنْ بَعِيْدٍ تُدَثِّرُ الأمْسَ خَوْفَاً
فِيْ كُفُوْفِ الْوَرَى وَصَمْتِ الغِيَابِ
قَدْ رَكِبْتُ البِعَادَ إذْ حُلْتُ رَسْمَاً
مِنْ عِتَابٍ فَـلا تُطِيْليْ عِتَابِيْ
وَاغْرُسِيْنِيْ بِصَمْتِ أمْسِيْ كَمَاناً
يَسْتَفِيءُ الْمَدَى بِحِضْنِ الرَّوَابِيْ
واغْمُرِيْنِيْ لأخْتَفِيْ مِثْلَ غَيْمٍ
حَالَ ذِكْرَى عَلَى كَثِيْفِ التُّرَابِ
يَابِلادَاً تَعَارَكَ الهَمْسُ فِيْهَا
هَاكِ طَرْفِيْ فَوَسِّدِيْ أهْدَابِيْ
فِيْ فنَاءٍ أرَاهُ جِدُّ مَلِيْئَاً
بِصَدَى صَمْتٍ أوْ بِعَوْدِ ذهَابِ
بِيْ رِحَابٌ رَكَنْتُهَا لِغِيَابٍ
وَعُصُوْرٌ -بِيْ- تَسْتَفِيءُ رِحَابِيْ
وَغُيُوْمٌ…أوَّاهُ كَمْ عَارَكَتْهَا
سَطْوَةُ الرِّيْحِ فِيْ خَرِيْفِ اغْتِرَابِيْ
تََرْشُفِيْنَ الشَّبَابَ بَعْدَ دُهُوْرٍ
فَلَعَمْرِيْ…هَلْ شَاخَ دَهْرُ الشَّبَابِ؟
غَرَّبَتْنِيْ دُرُوْبُ عَهْديْ صَغِيْرَاً
وَرَمَـتْنِيْ عَلَى طُلُولِ العَذَابِ
لأرَانِيْ بِبَابِ قَلْبِيْ غَرِيْبَاً
مَنْ؟…أنا!..هَلْ أنا عَلَى أعْتَابِيْ؟
تَسْتَبِيْنِيْ حِكَايَةَ الأمْسِ طِفْلاً
فَتَحُوْلُ الأصْقَاعُ طَيْفَ سَرَابِ
لَسْتُ أدْرِيْ عَنْ كُنْهِ بُعْدِيْ وَلَكِنْ
فِيْ حِمَى عَهْدِيْ قَدْ دَفَنْتُ اقْتِرَابِيْ
كَمْ أطَلْنَا الذُّهُوْلُ فِيْ حَانِ صَمْتٍ
نَحْتَسِيْ الدَّمْعَ بانْتِظَارِ الشَّرَابِ
وَحُبِسْنَا عَنْ كُلِّ دِفءٍ وَوَصْلٍ
فِيْ شتاءِ الأحْيَاءِ والأعْتَابِ
كُلَّمَا أسْفَرَتْ دِيَارُ تَمَنِّيْ
خَـذَلَتْنَا جَـهَالَةُ الأبْـوَابِ
فَنَزَفْنَا فِيْ كُلِّ لَيْلٍ إيَاباً
وَعَدَوْنَا على دُرُوْبِ الغِيَابِ
وَحَلُمْنَا بِلَيْلِ صَيْفٍ هَنِيٍّ
نَمْزُجُ العِشْقَ فِيْ رَقِيْقِ الرُّضابِ
كُلَّمَا أوْغَلَتْ رِيَاحُ الهَوَى فِيْنَا
رَمَتْنَا فِيْ رَوْضَةِ الأحْبَابِ
لِنُرِيْقُ الشُّرُوْدَ فِيْ كُلِّ دَرْبٍ
وَنُغَنِّيْ فِيْ دَرْبِنَا المُرْتَابِ
لَمْ يَعُدْ فِيْهِ غَيْرُ كَانُوْا وَكُنَّا
وَنُسِيْنَا فِيْ وَاهِيَاتِ الرِّكَابِ
مَاكَبُرْنَا وَإنَّمَا الطِّفْلُ فِيْنَا
حَالَ شَيْخَاً فِيْ لُجَّةِ الأنْيَابِ
أيُّهَا الغَافِيْ فِيْ دُرُوْبِ الغِيَابِ
انشُلِ القَلْبَ مِنْ بِلادِ العَذَابِ
بِيْ غَرِيبٌ وَفِيْكَ مِثْلِيْ غَرِيْبٌ
وَنَسِـيْمٌ وَفِيْكَ مَوْجُ العُبَابِ
وَنَشيدٌ وَفِيْكَ لَحْـنُ كَمَانٍ
وَكَلِيْلٌ وَفِيْكَ ظِلُّ الرَّوابِيْ
وَكِلانَا- فِيْ الدَّرْبِ- سِرْبُ غَمَامٍ
وَغَدِيرٌ فِيْ نَائِيَاتِ الهِضَابِ