عولمة
شعر: محمود مفلح


مــا كـان يكتبـنا يومـاً كتبنــاه
ومـا أنفنـــاه من مــاءٍ شربــناه
لقيته ذات لُغْزٍ دونمـــا حـــرج
وكنت أقطـر سمــاً حيـن ألقــاه !
تشــابكتْ فيدانــا الآن واحـــدة
مـا كــان أنــأى يدي عـنه وأنـآه!
هل في مصــاحبتي من كنت أرفضه
إثمٌ , أم أن ضجيج الـقول أوهـــاه ؟
وهـل يقيني أني لسـت أعشــــقه
هو اليقين بـــأني لسـت أنســـاه ؟
كأنَّ من نمت في أحــداقـه زمنــاً
قد غيّر الــيوم , أو بالأمس سكــناه
ومـا خشـينا على الشرٍ يـراد بــنا
حتى عرفــنا وذقــنا مــا خشيناه !
وكــم نـمرُّ على دودٍ ونحســـبه
دونــاً ونـدرك أن الأرض تهـــواه
و غادةٍ ضجَّ سـحر الحرف في فمـها
تسبي به من غـدت أقـسى سبــايـاه
ووردةٍ أشرقت كـالضوء قامتــــها
تزفــها لخــريف الــعمر أشــباه
وطــائر قد قصصـنا مـنه أجنـحةً
وكم دهشـنا بـأن طــارت جنــاحاه
و كيف يصفح عن ذنـب لـنا وطـن
مــازال يذكـر أنــا قد طعــــناه
وبعض من عـانقوني كنت أشــربهم
" هي الأمـور كـما شاهدتـها دول "
وقـد تخــون يمين المــرء يســراه
هي الأمــور فمن لم يحكـموا يـده
ويكسروا عظمه , قد أحكــموا فـــاه
هي الأمــور فقد نبـكي على زمـن
قد ضــاع منـا ومـا ضـاعت مزايـاه
لا يخدّ عنـك من بـانت مبـاســمه
كـم يُصقل الـناب من غـرّت ثنــايـاه
كـم قـاد من نفرٍ في البــحر مركبهم
وعندمـا بــلغوا شطـــآنهم تــاهوا
مـاذا أسميك و القــاموس عولمــة
من دنّـس الحــرف من بالطين ألقــاه
يعيدني زمـن الأضداد يــا ولــدي
إلى زمــان بـه فــاحت سـجايــاه
إلى الطعام ومــا كـنا نمــدُّ يــداً
إلـــيه إلاّ إلـى جــارٍ ســكبـناه !
والـياسـمين على الجــدران ممتزجٌ
فمــا لجـاري ومــا لي مـا عرفـناه
ننـام ملءَ عيـون الشــوق دافــئةٌ
قلوبــنا وحــديث الفجــر أصفــاه
تفــوح قهوتــنا بالهــال عـابقةً
لـم يبقَ قلــب بهــا إلاّ غزونـــاه
لـم يبزغ الفجـر في أحداقــنا سـفراً
حــلو الشــمائل لكــنا بزغـــناه