ليْليَّةُ الوهْمْ
" آخر نصوص العتمة "





رَسَمَتْ على كَفِّ الصّبِيِّ
مدينةً ليْليَّةَ الوهْمِ
المُلطَّخِ بالهزائمْ .


ولِغَايةٍ طيفيَّةٍ عرَّتْ
بمَرْسَمِها المجازِيِّ الأزِقَّةَ
وسْطَ حاراتِ الصّفيحِ
المُمْسياتِ على الفُتورِ ،
المُصبحاتِ على المآتِمْ .


والرِّيشةُ العذراءُ
في يدها الرّقيقةِ
أيقَظَتْ عَيْنَ الأزِقَّةِ فجْأةً ،
وتعمَّدتْ إسماعَها
نَبْحَ السِّياطِ
على تذمُّرِ جوعِها ،
وَصَدَى عويلِ الفقرِ مُفْتَرِسِ الحَلاقِمْ .


. . . .
والفقرُ أَفلَتَ
من زمامِ الرّسمِ
مُنقَضّاً على السُّكانِ
في يَدِهِ
الّتي ظلّتْ لريشَتِها رَهِينَةْ .


ما انْفَكَّ يَنهشُ
بينما كان الصَّبِيُّ
مُحَدِّقاً في صدرِها الْـ يعلو ويهبِطُ
غيْرَ مُنتَبِهٍ لِما رَسَمَت،
فسالَ لعابُهُ
وابْتَلَّ ملْبسُه الخَفِيُّ
فَضَمَّ فَخْذَيْهِ احْتراساً
واختفَتْ
غَرَقاً بِجَرْيِ لُعَابِهِ في الكَفِّ قِيعَانُ المدينَةْ .


. . . .
قامَ المُبَلَّلُ،
والمدينةُ
أصبحتْ طَبَقاً مُتاحاً
لاشتهاءِالجاذبِيَّةِ وَهْوَ قائِمْ .


سُكَّانُها والنَّازحونَ
إلى هزائِمِها منَ الوَجَعِ المُعَتَّقِ
يسقطونَ منَ المَجَازِ
إلى الحقيقةِ بالتَّقَادُمْ .


يتراكمونَ
على أديمِ حِذَائِهِ الـْ أَعْيَتْهُ
أَحْمالُ التّرَاكُمْ .


حتَّى معالِمُها المُقَدَّسَةُ
استبِيحتْ بالسّقوطِ
وما تَبَقَّى في المدينةِ
ساكِنٌ يبكي على طَلَلِ المَعَالِمْ .


لم يبْقَ إلّا الوهْمُ
في كفِّ الصّبِيِّ
وَجُثَّةٌ مَشْنُوقَةٌ بحبالِ
ظُلْمِ التّوأمَينِ
الوَاشِمَيْنِ القَهْرَ في وجْهِ اللّواطِمْ .


والتّوأمَانِ
القاتلانِ بياضَهَا
سَقَطَا _ بأدعيةِ الثّكالَى
السّاقِطاتِ _
خلالَ مزْرَابِ المظالِمْ .


نَاجٍ وحيدٌ
ظلَّ باستنتاجِهِ مُتَشَبِّتاً
بالخَاتَمِ الوَرْدِيِّ لكِنْ
روحُهُ اختارتْ لحامِلِها السّقوطَ
وأقنعتْهُ
بأن يموتَ _ حقيقةً _
خيرٌ لهُ منْ أن يعيشَ
مُسَيَّراً فيها _ مَجَازاً _ كالبهائِمْ .