مأساةُ جُوريَّة
سأروي قصةً كانت مِن الأَحداثِ مَرويّة
بِها عِبرٌ لِمن سَلفت ومن في الأمر مَعنيّة !
لقد كانت على فَرعٍ من الأَغْصانِ "جُورِيّة"
تَلوحُ كَبُلبلٍ شادي يؤدي اللّحنَ أُغنِيّة
وتَبْسُمُ مِثلَ أُمنِيةٍ مَع الأَسْحارِ، وَرديّة !
وَتَمضِي مِثلَما الأَشعا
تَسابَقَ حَوْلَها االسُّمّا رُ فِي غَفَلاتِ أَهْليها
يَرِنُّ الهاتفُ الجَوّا لُ مِن لِصٍّ خَلا فِيها
حَديثُ العِشقِ يُسْمِعُها فَيَسْحَرُها ويُطْرِيها
فَداءُ الجَهْلِ يُسْلِمُها وضَعْفُ الدِّينِ يُفْنِيها
غَداً يا حُبِّيَ الغَالِي
أُغَنّي فِيكِ أُغْنِيَتِي وأَضْرِبُ فِيكِ مَوّالِي
فَلا تَخْشَيْ ... أَنا واللهِ أَخْشَى رَبِّيَ العَالي
يَقُولُ بِثَوبِ مَحزُونٍ : " أنا غير الهوى مالي !"
كَصَيّادٍ رَمَى حَبْلاً لِيُمْسِكَ فِيهِ بِالغَالي !
بَنَتْ فِي القَلبِ آمالاً
وخَالَتْ أَنَّ شَيطاناً سَيُعطِيها مِن الشَّهد ِ
ويَحْفَظُها ويَحْميها مَعاً فِي القُربِ والبُعد ِ
فَنادى : "يا مُعَذِّبَتِي متى المِيعادُ يا سَعْدِي؟"
أَجابَتْهُ ولَبَّتْهُ ولمْ تَغْنَمْ مِن الرُّشْد ِ
فَراحتْ تَسْرٍقُ اللَّحَظا
وجَاءَ المَوْعِدُ الآتي وقدْ باتَتَ تُردِّدُها
وتُسرِعُ نُحْوَهُ الخُطوا تِ رُوحُ الشَّكِ تَطْرُدُها
وما أَنْ جاءتِ اللُّقيا وَحَطَّ الرِّجْلَ مُورِدُها
تَمَنَّتْ بَعْدَ ما اقْتَرَفَتْ بِأَنَّ الأَرْضَ مَوئِدُها
وعَادَتْ بَعْدَما جَرَّتْ
ومَاذا بَعْدُ قَدْ تَجْنِي سِوى الحَسَراتِ والأَلَمِ!
فَلَوْ صَانَتْ كَرامَتَها لَمَا انساقَتْ إِلى السَّقَمِ
فَمَا عَادَتْ كَمَا كَانَتْ وأَضْحَى النَّوْرُ في عَدَمٍ
وبَاتَتْ بَعْدَ رِفِْعَتِها تٌداسُ بأَوْطأ القَدَم ِ
وغَاْرَ بُعَيْدَ فَعْلَتِهِ
ومَاتَ الحُلمُ في عَجَلٍ وأَمْسَتْ فِي لَظَى النِّيرانْ
فَكُلُّ بَرَاءَةٍ مَاتَتَ وغَارتْ فِي دُجَى النِّسْيانْ
فَمَنْ تَنْسَى هُدَى المَوْلَى تُلاقِي الذُّلِّ والحِرْمَانْ
أَيَا رّبَاهُ فاحْفَظْنَا أَلا رُحْمَاكِ يَا رَحْمَنْ !
إِلَيْكَ نَلُوذُ مَوْلانا
فَثَبِّتْنا أَيا اللهُ زِدْنا فِيكَ إِيمانا