دعوني بيـن أوراقـي وحيـدْ لعلّ القلب يولـد مـن جديـدْ
سئمتُ العيش في عصر البغايا و هدر العمر في زمن العبيـدْ
فلا العصفور غرّد في سمانـا و لا الأحلام تعرفُ مـا تريـدْ
و غادر صبحنا زهر البـوادي و ليل القهـر غطـاهُ الجليـدْ
أعاد الجبـن فينـا عهـد ذلٍّ و ضجّ الموت في قلب الوريـدْ
نذوبُ على ضفافِ الذلّ خوفـاً و يرشحُ من حكايانا الصديـدْ
نفتشُ عن زمـان قـد تولـى و مجد كان في الماضي تليـدْ
تَشوّه كلّ ما فينـا و أضحـى عزيز النفـس مختـلا شريـدْ
فكم حرٍّ تـوارى فـي كهـوفٍ و عاش العمر منفيـاً طريـدْ
و كم باتت بأعيننـا الرزايـا و لا تخبو المواجع بـل تزيـدْ
يعيش الموت فينا كـلّ حيـنٍ و يأتي الطفـل للدنيـا فقيـدْ
تفتشُ عن مشاعرنا المآسـي و تعرفنا الهواجس من بعيـدْ
فلا درب إلـى النـور هدانـا و لا شوق إلى الماضي يفيـدْ
بلاد عشّـش الشيطـان فيهـا و غادر أرضها خيـل الرشيـدْ
مرافئها بـلا سبـبٍ تـوارتْ مراكبهـا بـلا مـوجٍ تميـدْ
ينام الحرّ فيهـا دون سقـفٍ و يأوي الجرذ للركن الشديـدْ
طعام الناس فيها مـن فتـاتٍ و يسرقُ فأرها صحن الثريـدْ
يعيش لصوصها في قصرعـزٍّ و يحكمها المخنـث و البليـدْ
نذوقُ سياطهمْ في كـلّ يـومٍ و نصرخ في أسى هل من مزيدْ
يبيضُ الوغد ليلا في حماهـا يفـرخ فـي مواجعهـا يزيـدْ
سيملأ منبـر الأقنـان زهـواً يحذرنـا و يزبـد بالوعـيـدْ
سيصرخ في وجوه القوم دهراً أنا الباقي و منسأتـي حديـدْ
أنا المعطي فتحت لكم سجوني و جئت بثورة العيش الرغيـدْ
أتيت لكم من المولـى رسـولا معي ماء و شيء مـن قديـدْ
أنا المختار مـن رب البرايـا أنا المعنيّ في بيـت القصيـدْ
أنا السلطـان طـلاع الثنايـا و لي في حكمكـمْ رأي سديـدْ
أنا المولود مـن أيـام عـادٍ أنا المهدي و الخبـر السعيـدْ
أنا الدجّال أحيـا ألـف عمـرٍ أنا الملـك المبجـل و الفريـدْ
سأصنع من جماجمكم جسوراً ليعبر فوقهـا جيشـي العتيـدْ
سأجعل ليلكم كابـوس خـوف يشيب لهوله الطفـل الوليـدْ
فلي في كل حـيّ ألـف عيـن و لي عسس و سجان مريـدْ
سيفلح من يطيع الأمر منكـم و يدخل جنة الطلـع النضيـدْ
و من يشكـو لعبـد أو لـرب سيوضع في براميـل الأسيـدْ
سيأتي الخوف أرتالا و ندعـو له بالنصـر و العمـر المديـدْ
ستبصق من مخازينا المرايـا و يصدأ في حناجرنـا النشيـدْ
دعوني بيـن أوراقـي أواري بقايا الروح في الجسد الشهيدْ
أنا و القهر نمضي في خصـام فلا نبـض و لا مـوت أكيـدْ
أفتش في حروف الحزن عنـي و أشكو للندى زمنـي الزهيـدْ
أنا الموجوع من خبث النوايـا على دربي سأبقى لـن أحيـدْ
سأبقى رغم هذا الموت نسـراً أعيش عزيز نفـس أو أبيـدْ
سآوي مـن أبابيـل الخفايـا إلى أوراق صومعتـي وحيـدْ
و لن أرضى بأصنـام التكايـا أنا فـي عزتـي طفـل عنيـدْ
أنا في معبدي حتـى يـواري ضياء شموسنـا ليـل العبيـدْ



رد مع اقتباس
