أنّتْ عســـــــــــيرُ فكلهـــا آلامُ
وجَثتْ على بُسطِ الأسى عمانُ
والنيلُ من هولِ الفجيعةِ قد بكى
فأتَتْ تكفكف دمعه أســــــوانُ
والأزهرُ العملاق عانقهُ المدى
حتى ذوى وتقطع الشريــــانُ
والقدسُ واها لن ُأُسَطر حُزنها
صَبَرتْ وكلُ رُبوعِها إيمـــانُ
وجنينُ أرقها الرحيلُ ولم تنم
وتوجعتْ من ضيمها بيســانُ
آمنتُ بالله العظيم وحكمـــــهِ
فالموتُ حقٌ أيهــــا الإنســانُ
أماهُ هل رحل الندى من بيتنا ؟
قولــــــي بربكِ أنهُ الهذيــــانُ
أين الذي كانت تُقبلُ وجـــــههُ
كتبُ البلاغة ِ والجوى عنوانُ؟
أين الذي عَمَّت مهابتهُ الدُنا
وتلاطمتْ من حُبّهِ الشطئـانُ؟
أين الضيا في صحن غرقتهِ مضى
وشخيرهُ وكلامهُ الريـــــــــانُ؟
وغطاؤه وكتابهُ وسريــــــــرهُ
وعلى الأريكةِ هاهُنـــــا القرآنُ؟
أمـــــاهُ أين عبـــــــــــاءةُ الحج التي
من عطــــــرها يتعطرُ الريحانُ ؟
أين الدواةُ وأين قهـــوتهُ غَدَتْ
بكمــــاء لا يصغي لها الفنجانُ؟
وعصاهُ لا أدري أأكتبُ نعيهــــا
أم أنها في نعيــــه سيـــّـــــانُ
هذا الذي تاهت بمقلته السمـــا
وعلى الجبينِ تربع البستـــــانُ
هذا الذي بالورد كفنّهُ المســـا
وأتى ليكتبَ حُسنَـــهُ الإحسانُ
يا ويح شعري حين أنزلهُ المـــــــلا
في القبرِ نارٌ في الحشـــــــا نيرانُ
أرنو له فكأنهم ســــــرقوا دمـــي
والشِعرفيَّ أصـــــابه الخفقـــــانُ
والضادُ تذرفُ واليراع كما العصا
ميتٌ حزين ٌ بائسٌ وعيــــــانُ
ذابَ الفؤادُ كما الشمــــوع مودعاً
وارتاع نصٌ زاخرٌ وبيـــــــانُ
كيف الرثاءُ وكيف أسردهُ هنــا
ومن المدققُ إن أتى النسيــــــانُ؟
يا صاحِ لا تسأل عن الدنيا هنا
فالقبرُ بيتٌ والردا أكفــــــانُ
والأهلُ لا أهلٌ ولا مالٌ هنـــــا
والصحبُ ولُّـــوا واختفى الإخوانُ
هذا هو الموتُ القريبُ لعلنـــــا
نصحوا فلا نفيٌّ ولا نكرانُ
ربــــاهُ قد مــــاتَ الحبيب وما لنا
إلا الدعا يا ربُّ يا رحمــــــنُ