الأسوة
مهداة إلى خير الخلق (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين)
..
قطعت فَيـــافي الشــوقِ أحمل لـهْفـتي
أســابـق في ذكـراك روحي ومُــقْــلتي
..
حـمـلت على مَـتْـن السـنين حـقـائبي
وقد سرت أحْدو الركب لم أدرِ وِجْهتي
..
بـدأت مسـيري إثْـــر ركـبٍ مُـمَــوّهٍ
فما مـلأت كفّي من الـحـق نَفْــرتي
. .
وما مدركٌ للرشْد من سار سادرًا
تـحيد به في الدرب إغــواءُ رغْبةِ
..
وقد حاد عن كُنْـــه الحقيقة واهمٌ
يظن بأن الفوز من مَـحض حُنْكةِ
..
ولكنـه التســــليم لله مـوقـنـًـــا
بأن ســــبيل الله خير مـحجـــةِ
..
ولا يُـمنح التوفيـق إلا لـمخـبتٍ
صفت نفسـه لله في كل خَطْــرَةِ
..
ومن رابه شيءٌ من الزيْغ فليـعــدْ
مُنيبـًا إلى الرحـمن في صدق توبةِ
..
ولا رأي يُبْدَى إن رأى الشَّرع أو قضى
فــذاك من الإيـمــان في كل مِـلّــةِ
..
وفي محكم التنزيل هدي وحكمة
تضيء طريق الحائر الـمـتَـثَـبِّتِ
..
إذا كنت تخشى أن تـمسّك محنةٌ
فعصيانك الرحـمن أعظم مـحنــةِ
..
قَصـدت إلى نبعٍ بعـيـد وجـدتــه
سَرابا بـدا كالماء في تِيه رؤْيَتي

ويـَمّمْـت دربًــا تـاه فيــه دليــــله
وما عُـدت إلّا حاملًا مـنه غُـصَّتي

وقـد جـئت لا ألْـوي يقـينًـا بأنني
وجدت طريقي واهتديت لأسْوَتي
..
خريطة تجْوالي طَمَسْت خطوطها
لأبــدأ تِـرْحـالي عــلى إثْــر زلَّـتي
..
وغَـابـر أعوامي أهَـلْـتُ رُكامَهــا
لأجتـاز أوهـامي وأُخْدود غُـرْبتي
..
تُلاحِقُ أنفاسي صدى نبض خافقي
يُضاعِفُ وهْجُ الشوق من حرِّ زفرتي
..
يُـراوِدني حلـمٌ ســنيٌّ مــسافـــرٌ
يمرُّ كومض البرق في غَيْمِ وحشتي
..
تركت لنـا نهجـا سويـا ومـوردًا
أتيت إلى شـطّـيـْه أطـفئ غُـلَّتي
..
وأحـمل زادي من يَـنَابيع حكمةٍ
دليلي بـدربي في مَجاهل رحلتي
..
مِظَـلّة آمـالي إلى حيـث غــايـتي
وحصن أماني من غَـوَائل فِتْنَتي
..
تقـربني من صَفْـوةِ الوردِ صَحْوةٌ
وتـحجـبني آنـا غشــاوة غَـفْـلتي
..
يحلِّق بي من طيب ذكـراك حافـزٌ
وتجذبني أثقـاِل وزْري وصَبْوَتي
..
أشــدّ زمام العــزم آنًـــا تـَــرُدّني
شَـوَارد من زلّاتِ عَــيّي وفَـتْرتي
..
فهل نَفْحـة من نور وجهك سـيدي
تُـنَـضّـر أيـامي وتـغـسـل مـُهْجَتي

أتـيـت بأعـبـائي إلى الله راغـبًـــا
فإن رضا الرحمن حرزي وعدَّتي

جمعت سنيني كلهـا وحَشَدْتُهــا
لأوْبـَـةِ حـقٍ فـاقـبـل الله أوْبــتي
*****
محمـدُ يا بشـرى لمن آب واهتـدى
وطـاقــةَ نورٍ تـحتـوي كـلَّ مُخبـِتِ
..
بُـعِثْتَ وجلّ الأرض أدْغَـــال غابـةٍ
فكـل ضـعـيفٍ في هــوانٍ ونـقـمـةِ
..
بعثت ودين الشـرك طاغٍ مسـيطرٌ
سوى قِلّــةٍ ضاعت بأمواج كَثْرَةِ
..
وجئت إلى عُـبَّـاد صُـمِّ حجــــارةٍ
يذودون عنها في جحودٍ وغِلْظَةِ
..
مضيت بنور الحق تدعو إلى الهدى
قلوبــا تردَّت في ضلالٍ ِوشَـقْــوَةِ
..
على البغي والغارات دارت حياتـها
ومن منْهج الطاغوت في شَرّشِرعةِ
..
فسـاد حيــاة واخْتِــلال عقــيـدةٍ
ومـا الحكـم إلا للظُبـا والأســنّـةِ
..
بغايةِ وسْعِ الحلم والرفق والنهى
ترشّــد أفهـامـا من الصخـر قدَّتِ

تـحَمّــلت أعباء الرسـالــة صــابرا
وسرت على أشواك عَسْف التَـعَـنُّتِ
..
فأحييت من بعــد الخمــود ضمائرا
ووَطَّـــدْت بالإيـمـان أركـان امَّــةِ
..
على ذروة التـاريخ صـارت منارةً
لهـا بصْمَـةٌ من بعـد في كل حـقْبـَةِ
..
لقــد كانت الأيام عطشى فجـئْـتَهــا
فاضحت رُبى الأحلام في خير مَنْبَتِ
..
طريقك بستــان من الحبّ والندى
ولـي أمــلٌ أنـّي أعــود بحِـصـتي
....
وهـديــك مَـحْفـوفٌ بكل بشــارةٍ
تُـبـدِّد أوهـامي وتـَجْبُـرُ عـثْرتي
*****
ذكرتك فافْتَـرَّت ليَ الشمس غِـبْطـة
وأوْمَضـت الآمال في عـتْـم ظـلمتي
....
وغـنَّـت على إيقـاع شوقي قصـائدي
وفاضـت معاني الحبِّ في نبع فكرتي
..
أقول وتصغي لي العـصـافير بالــرُّبى
ويخطو ورائي الشعر في إثْـرخُطْوَتي
..
بـمدحـك تـأتيني الـمعـاني حفـاوةً
كأن بنات الفكر صارت بـعِصْمتي
..
فـلي في ندى ذكراك آسٍ وسـامـــرٌ
يزيل عشا الأكْدار عن صَفْو فطرتي
..
أشــاهـد أفـقـًـــا من بهائك آســـرًا
تَضَـاءلَ في مـرآه فكـري وقدرتي
..
سهرت أبا الزهـراء أزْجي قصيدتي
وذكـراك تِــرْيـاقي ومدحُـك قـرْبَـتي

أشكِّل من نبضي حـروف مدائحي
وأنـسج من أنـوار عَيْنَيَّ صفحتي
..
ولو قـام كل الكون يشدو قصـائدا
بـمدحـك ما وفّـتْ وما هــي بالتي
..
لقد قـدّم الإسـراء قـدرك والمـدى
فمــا قدر أقوالي وماذا بـجعْبَتي..؟
..
و ربك قــد أثـْـنى عليـك و إنـَّـني
أحلِّق في محدود حَـيْزي وأُهْـبَتي
..
وإن كلَّ شعـري عن مـداك فإنني
لبسـتُ بــه تاجا يرصِّـع جـبهـتي

لشمسك أفـلاك الفضائل تَـنْتمـي
فإن بان عجزي فلْتُجِزْني محبتي
..
بمدحك قد أهديت شعري قصائدا
كـأن قَــوافـيهـا مفــاتـيح جـنَّـتي

بحبـك يحـيـيني من الحب صَوْبُه
فحبك غَيْـثي في الحياة وعُـزْوَتي

فمـن حُــبـِّـه زدني أيـا رب واهــدني
ومن حوضه في الحشر ربّ ارْوِغُلَّتي

أحبك يا من تسكن القلب والحِجَا
وحـبــك أولى ما تَـخُــطّ وصِـيَّـتي
..
أأحتـــاج أن أرْوي لمـدحي دَلائـلًا
وأحتاج أن أُبْدي إلى الخلق حُجَّتي
..
فهــذا كمــا قلت النجوم زواهــرٌ
وتلك تقاسيمي وذا لون بشـرتي
,,
وفي مُهْجة التاريخ عرض موثَّق
لمـحكم آيــاتٍ وهـــدْيٍ وحكمــةِ
*****
أتيت رســول الله يقتـلني الأسى
على أمةٍ عن صَهْوة المجـد زلّتِ

أثار عليهــا الحقـدُ بركانَ نَـقْمَـةٍ
وهبَّت عليهـا عاصفـاتُ الـتفَتُّـتِ
,.
أشـادت بوادي المستحيل معالـمًا
وحـادت وقــد كانت بعِــزٍ ومِـنْعـةِ

وفي نهجك الهادي ضياءٌ ورحمةٌ
تعيد لنـا الماضي بإشراقـه الفَـتِي
..
وأعلم يوم الحشر إذ أنت سـاجدٌ
تُرَدِّد تـحــت العرش يـارب أمتي
*****
سألتك يارب الثباتَ على الهدى
وتلك مـن الرحـمـن أعظـم مِـنّةِ

لعل سـنا الإيـمـان يـجْـلو قلوبنــا
وتَـنْقَشِع الأحزان في غـيـر رجعةِ
******
فديْـتـك يا خـير البريــَّـة كلهـــــا
وما ليَ إلّا الشـوق ترويه عبرتي
..
وماصِيغَ من شعــرٍ لمدحك لم يكن
ببحــرك مـهمــا قيل إلا كـقـطـــرةِ
..
نـحبك لكن آيـــة الحـب أن نُرى
على خير نهجٍ من كتاب وسـنـةِ
..
عليــك صـلاة الله في كل نبضـةٍ
ووَمْـضَةِ نجمٍ من نجـوم المجرّةِ