أنا والقصيدة عاشقان تعانقا
صارا شعاعاً في الفضاء يجولُ
منذ الطفولة قد تربّينا معاً
هي ليلةٌ ومشاعري القنديلُ
فاذا ألِمتُ تأوهتْ كلماتُها
وإذا عزمتُ على النحيب تسيل
أشكو لها وجعي فتذرف بوحها
عني هموم الذكرياتِ تشيل
و إذا اشتكتْ أصغي إلى خلجاتها
تفضي إلي بهمّها وتطيل
كم خفّفتْ عني لواعجَ غربتي
من دونها ليلُ الأنين يطولُ
هي ذلك الجذع اللصيقُ بتربتي
وأنا الغصون مع النسيم تميل
هي أجملُ الأحلام تزرعها الرؤي
هي لارتحالِ الأمنيات دليل
وحشاشةُ الأمل الذي شيدْته
في داخلي متألق وجميلُ
هي غابة خضراء دوماً في يدي
مهما احتباساتُ الخريف تطولُ
والرونقُ الأخّاذ تنسجه رُبى
الإيحاءِ في تفكيرها وتقول
والجدول المنساب بين أصابعي
يهفو إليه مع النسيم خميل
وحدائق الأبيات مدّتْ عشبها
ليرفّ تغريدٌ بها وهديل
فإذا تركت لها الشجون تدفقت
عبر القوافي أنهرٌ وحقول
واخضرّ إحساس الربى واستلهمتْ
منه الحنينَ مزارعٌ وسهول
وتبثُّ أزهارُ النقاط عطورَها
يهمي نسيمٌ منعش وعليل
فإذا تهادى الشُِعر في أرجائها
حزم ارتعاشاتِ الحنين رحيل
وإذا همستُ بها إلى وله الندى
ترك التوجسَ بالهُ المشغولُ
لي كل يومٍ في الفواصل رحلةٌ
فيها هموم الأمنيات تزول
فإذا ارتمى فوقي الشتاءُ لبسْتها
ومشيتُ عبر البرد فيه أَصول
في موسم الأمطار أحملها معي
عني اضطراباتِ السحاب تزيل
وأصوغُ منها قارباً أمضي به
إن هاجمتني في الطريق سيول
عند اشتداد الحَرّ تفرش ظِلّها
لي تحت أشجارِ الحروف مَقيْلُ
هي ذلك القمرُ المنير بغربتي
يشفي مسائي إنْ غشاه ذبول
هي كل شيء في حياتي
والطريق بدونها متعسر وطويل
أنا والقصيدة والمضيّ إلى المُنى
دربٌ على خطواتنا محمول