بسم الله الرحمن الرحيم


خليليَ ما عادتْ تجودُ مدامعي
وما زالتْ الأيامُ تذكي مَواجِعي
أُنازعها العبراتِ كلَّ فجيعةٍ
فتزجرني الدَمَعَات لَسْتَ بِنَازعي
فَسَلْ عَبرةَ المحزونِ حِينَ تَردُها
أخاديدُ جَفْنٍ كَمْ تَئِنُ نوازعي
تنازعنا الأرزاءُ كلَّ عزيمةٍ
وتسمعنا الأكدارُ شرَّ الفواجعِ
مضى ريعانُ العُمرِ تحتَ خبائهِ
فتوةُ ما في العمرِ ليس براجعِ
لَعَمركَ ما الأزمانُ تقسو على فتىً
صبورٍ على الأقدارِ ليسَ بجازعِ
على حَدَثانِ الدهرِ يَمْضي فإِنما
على طولِها الأيامُ غَفْوَةُ هاجعِ
لهُ بِصُروفِ الدهرِ عزمٌ وحكمةٌ
ينابيعها القرآنُ خيرُ المنابعِ
ومنْ تَكُنُ العلياءُ صِنْوَ همومهِ
يرى علْقمَ الأيامِ حُلو المطالعِ
لهُ بهزيعِ الليلُ دمْعٌ وخَشْعَةٌ
وفي مَهْيَعِ الأهوالِ ليسَ بفازعِ
نميرُ سَوادِ المرءِ همةُ ماجدٍ
يرى شَرَفَ الأزمانِ تحتَ القواطعِ
ولكنها العَبَرَاتِ تَقْسو وخَلفها
تباريحُ قلبٍ تستثيرُ مَدامعي
يرى قُنةَ الإسلام تهوي كأنما
تقلبها الأرزاءُ فوقَ القوارعِ
فلسطينُ ما أبقتْ من الحُزنِ غَمْضَةً
لها بعظيمِ الدينِ مرُّ المواجعِ
أمنْ غَفَوَاتِ العينِ وصْلٌ وكلما
ننامُ على النسيانِ نصحوا بفازعِ
فلسطينُ كم بلتْ من الحزنِ مكةً
تناشدنا الأرحام من كلِّ قاطعِ
تهيمُ بوادي القهرِ أمٌ وخلفها
ينوحُ بنوها تحتَ وقعِ المدافعِ
روتْ عبرَ تسكابِ الدموعِ حنينها
عن الليلِ عن حَرِّ الشجونِ اللواذعِ
أفي غيهبِ الإذلالِ تبكي أسيرةً
يساومها الأنذالُ من كلِّ بائعِ؟!
وما لفعالِ الكفرِ ضيمٌ وإنما
أفاعيلُ خوانٍ من العُربِ خاضعِ
وغايةُ ما للعُربِ شجبٌ وقمةٌ
يداسُ بها الإقدامُ من كلِّ خانعِ
يتيهُ عبيدُ الغيدِ في ليلِ غفلةٍ
ويمسي عبيدُ الكأسِ في ليلِ راتعِ
فيا عبرةَ المحزونِ تلكَ شجوننا
أتيتِ وإن تأبيْ فَليَسَ بنافعِ



الميمان النجدي