تَــ ـشَـ ــهَّــ ـدْ

شعر: مريم العموري
أبكاها أن ترى رجالاً تحت القصف يشرقون بدمائهم
وما في وسع مسعفيهم إلا أن يذكّروهم بالشهادتينْ

بُنيَّ..
تَشَهَّدْ
فهذا غَمام الظَّلاميّ غدراً يجوسُ سماءَكَ
يرميكَ فُحْشَ لظاهْ
كأنَّكَ لستَ حياةً على أوجِها تستحقُّ الحياه
كأنك لست ابن هذي البلاد وباذر حبّات تُرْبَتِها من قديم الزمانِ
أباً لأبٍ..
والجنى للجُناه!!
٭٭
تشهَّدْ
فما عاد-يا عينُ- يكفي الدواءُ ولا الماء والكهرباءْ
ولا ظلَّ تحت سُعُوف المشافي سوى الريحِ تصْفُقُ وجهَ الرجاءْ
فلا تُرجئِ الروحَ في الوهمِ..
كل الجهاتِ استُبيحتْ ..
وغالتْ يد الأقربينَ، البعدينَ، .. قلبَكَ
صاروا مع الغاصبينَ سواءْ..
حقودين.. يستمرئون عذابكَ..
هانوا.. ولمّا يزالوا يباهون بالفتْحِ شعباً أضاعوا..
وما هم سوى ردّةُ الفتحِ.. لا خيرَ في دمهم..
لا حياءْ
٭٭
تشهَّد
فلا كانَ في العُرْبِ من يستجيبُ لأنَّةِ جرحكَ
مهما استحالَ بحاراً من الدَّمِ..
مهما تقادمَ في لُجَّةِ الموتِ..
تمخرُ فيه جواري عدوِّكَ ستين قهراً
وجَوْراً
وغدراً
قضَضْتَ مضاجِعَهم من كثير ندائكَ..
فالزم حصاركَ
لا قدس في همِّهم يا حبيبي.. ولا هم لآهاتها يأبهونْ
جفوكَ.. وحيداً تجابهُ قرصانَ هذا الزمانِ
يموءونَ:
إذهب وقاتِلْهُ أنتَ وربُّكَ إنَّا هُنا في الهَنا قاعدونْ..
فلا عونَ..
وحدك يا ولدي في جهادكَ.. فامضِ، ولا تنتظرْ نخوةَ الخائرين
٭٭
تشهَّدْ حبيبي
فبين انحسار ظِلالكَ، والغيبِ.. سَتْرٌ شفيفٌ
وحرفٌ كما رفّةُ الأُقحوانِ على ثغْرِ ريح
إذا دبَّ في كل قلبكَ .. كان لكَ الحصنَ..
والحبَّ
والأُنسَ
والصَّولجانْ
وصرتَ.. كطُهر القداسةِ..
إذما بروحك طارتْ رفوفُ الملائكِِ حتى انبلاج الجِنانْ
٭٭
تشهَّدْ..
ولا بأس إن خفت أن تستبيك الدقائق في صمتها..
دون حضن الذينَ
على الشوق ينتظرونَ زفاف فؤادكَ للغَدِ..
لكن –رضائي عليكَ- تذكّرْ
بأنّ عروسك في سدرة عند عرش السلامِ
أعدت لطلَّة نورك سربَ حمامِ
تغني.. تناديكَ..باسمك أنت ...
هنالك حيث تعيش الأسامي
فهوِّنْ عليك .. وهوّن عليّ فراقَكَ يا حِبُّ
واغفر لأمِّك إن هالها الفقدُ ..
إن بلّلتْ في التياع قميصكَ .. تشتمّ طِيبَك بين الدفاترِ
آهٍ..وحول فَراغ فِرَاشِكَ حزناً تلوبُ
فهذا فراغك يا ولداهُ على القلب مرٌّ وصعبُ
ويومَ يهيلون فوقَك بَرْدَ الوداعِ.. تميدُ بيَ الأرضُ..
لكنْ
يدفّيك منِّيَ آيٌ وحبُّ
وأبقى ولو جرّحتني السنينُ وفيَّةَ ذكراكَ ..
أنثرُ أُنْسَكَ فوق البلادِ.. لألمحَ رسْمَك بين وجوه الشبابِ
وضيئاً.. حنوناً.. تنادي:
أحبّكِ أمي.. فظلّي كما أنتِ..
ربَّةَ صبرِ..
فيرعَشُ بين ضلوعيَ قلبُ
يناجي:
حبيبي.. ضَنَايَ
كفاني رضاكَ عليَّ ..
أنا منكَ فيكَ.. أُساقيكَ وردَ دعائي
فأربو
ألم تر حين ينادون.. أمَّ الشهيدِ..
أطيرُ.. أعانقُ كل القبابِ التي ما فتئتَ إليها تهبُّ
ويفترُّ قلبي إذا ما سمعتُ حديثاً يشابهُ حُلوَ حديثِكَ
أو ضحكةً كالتي كنت تشدو..
فيصبو الفراشُ.. ويهفو إليكَ من الطير سربُ
لك العمر إن ماد طيف الجمالِ ..طَروباً..
جليلا
لك الروح مع وشوشاتِ الغديرِ وهمس الدوالي ..
٭٭
تشهَّدْ أيا بعد حالي..
فإن كان يجثم فوق ضلوعيَ ظلمُ العبادِ
ثقيلاً ثقيلا ..
سأبقى أردد ملء يقيني
هنالك ربُّ
هنالك ربُّ
هنالك ربُّ
وللوغدِ -لا بُدَّ- يوم أمرُّ..
وللصبح قربُ..
وللصبح قربُ..
٭٭٭