بسم الله الرحمن الرحيم


أَعَزَّكَ البَيْنُ أمْ خانَتْكَ أشْعارُ
أَمِ الطُّلولُ التي أبْصَرْتَ أعذارُ
أمِ الهَبوبُ التي أرْياحُها قَدَحَتْ
زَنْدَ الغَوابِرِ حتَّى هاجَ تِذْكارُ
فَنازَعَتكَ سِنِيُّ السَّعدُ وانْتَفَضَتْ
أينَ الحَليلُ وأينَ الرَّسْمُ والدَّارُ
وَلاحَتِِ الظَّبْيَةُ الأدماءُ قائِلَةً
تَفْنى السُّنُونُ وطَيفُ الخِلِّ زَوَّارُ
والذِّكْرَياتُ إذا وافَتْكَ في سِنَةٍ
كَبَوحِ غادِيَةٍ تَفْنَى بِهِ النارُ
يا شاعِرَ الحُزْنِ هَل جَفَّتْ مَنابِعُنا
واسْتَسْلَمَتْ لِمعاني الحُزنِ أشعارُ
أمْ مُلْهِمُ السَّعْدِ في أحشائهِ غُصَصٌ
وعاصِفُ الحُزنِ في جَنْبَيهِ مَوَّارُ
عَدَتْ عليهِ عَواديْ الدَّهْرِ فانْدَثَرَتْ
في لُجِّةِ الدهرِ آمالٌ وأنوارُ
يا عاذِلَ الروحِ روحي في المدى سَكْنَتْ
من الصَّبابَةِ داراً ما لها دارُ
أرْعى الشَّوارِدَ لا تَعْنُو أعِنَّتَها
وَدونَها من سَديمِ الحُزْنِ أستارُ
ماتتْ على شاطئِ الأحزانِ أغْنَيتي
وهاجرَتْ لمغيبِ الشمسِ أطيارُ
وَمَرْكَبُ السَّعْدِ قدْ خانتهُ أشرعةٌ
والعاتياتُ , وموجُ البحرِ غدَّارُ
تَلوحُ في أفْقِنا الآمالُ كاذِبَةً
فَيَنْتَشي بِسَرابِ الفجرُ أغْرارُ
تَصَرًّمَ العُمْرُ والآلامُ شامِخَةٌ
وما لنا بِصُروفِ الدَّهْرِ تِعْبارُ
قُلِّ لِلخَليِّ وساهي الطَّرفِ إن كرهوا
نَقْصَ الليالي ففي عَيْنَيَّ أعمارُ
أنا الهَجِيرُ .. أنا البيداءُ.. في لُغَتي
لَفْحُ الخَواطرِ لا تَرويهِ أنهارُ
نِضْوِ الهوانِ وروحي في الأسى مِزَعٌ
وَمَرْفَأي كَسَرابِ الوَهْمِ مِغْيارُ
شعري الحزينُ شجونٌ لا قرارَ لها
ومُزْنةٌ من شَجيِّ البوحِ مدرارُ
وَغَضْبَةُ الروحِ إن ثارتْ جَوامِحُها
وللفؤادِ إذا ما لِنَّ أوطارُ
يا للدٍّموعِ ويا للحزن إن صُرِمَتْ
عني الحروفُ وغاضَ الشعرَ إعسارُ
هذي المشاعرُ إن فاضتْ كَوَامِنُها
ما النَّهرُ ما البحرُ ما الأرياحُ ما النارُ!
دعِ المَشاعِرَ إنْ لمْ تَشْكُ حُرْقَتَها
وَتَصْطَلي بِلَهيبِ الحُزنِ أفكارُ
أَتَرْقُبُ البَحْرَ مَزْهوَّاً بِزُرْقَتْهِ!
تَمْضي السَّفينُ وما أضناكَ إبحارُ



أعزك = عزَّكَ بمعنى غلبك قال تعالى ( وعزني في الخطاب ) أي غلبني


علي عبيد المطيري

الرياض

7/1425