حيران

شعر : مولود خلاف

مَابَيْنَ مَدِّ وَجَزْرِ العُمْرِ أصْطَبِرُ بينَ المِحاقِ وَبَدْرٍ تُهْتُ يا قمرُ
إذا ذَكَرْتُ حبيبًا ذُبْتُ مِنْ وَلَعِي وإن رجعتُ لنفْسي عادَني الحذَرُ
الشَّوْقُ يا وطني جَمْرٌ يُعَذِّبُنِي بالظُّلْمِ والتِّيهِ والحِرْمَانِ يَسْتَعِرُ
كيفَ السَّبيلُ ، إليكَ القلبُ يَدْفَعُني والعقلُ يَنْهى وجُلُّ النَّاسِ والخَبَرُ
على صِراطٍ أنا لا حاضِري وطني والبُعْدُ شَوَّهَ أَمْسي فامَّحى الأثَرُ
حيرانُ أجْمعُ أشلائي لأزْرَعَها فهلْ بِغَيْرِ بلادي الأرضُ تزْدَهِرُ؟
يَطالُ وَرْدي شَذى الأشْرارِ في بلدي ولا شذًا لٍزهوري غُرْبَتي تَذَرُ
شَوْقي لأمي، لِحُضْنٍ، شَقْوَتي جُعِلَتْ به حنَانًا، فَعُمْري دُونَها سَقَرُ
يَا حَاسِدِي تَرَفِي ، في الأمِّ أَحْسُدُكُمْ ليتَ العيونَ لَكُم دومًا لَها سَفَرُ
لَنَظْرَةٌ رَوِيَتْ مِنْ وَجْهِ والدَتي أَعَزُّ أُمْنِيَةٍ يَرْنُو لَها البَشَرُ
وجَلْسَتي مَعَها بِرًّا أُحَادِثُها هيَ الحَيَاتانِ، أُخْرانا وذا العُمُرُ
يَا حَاضِرًا لَسْتُ أدْري كُنْهَهُ أبَدًا لا عَلْقَمٌ أنْتَ لا شَهْدٌ ولا سَكَرُ
ويَا ليالٍ مَضَتْ هَلْ كُنْتِ جَنَّتَنَا؟ أمْ حَنَّ يَومِي فطابَ النَّتْنُ إذْ قَبَرُوا
ما خَطْبُ شائعةٍ في الأُفْقِ عنْ رَغَدٍ أمَا وعاها فتًى في البَحْرِ يَنْتَحِرُ
أبْكيكِ نَفسي وأبْكي حُرْقَةً وَطني في التّيهِ أنْتِ وذي الأوطانُ تَحْتَضِرُ
وهل سأبكي قَريبًا باتَ مُغْتَرِبًا أمسى الجميعُ غريبًا إذْ فَشَا الضَّرَرُ
أهْواكَ يا وَطني ،أنْساكَ لا أبَدًا إن خانَكَ البعضُ فالأحرارُ ما غَدروا
إنْ غِبْتُ يومًا فَحَتْمًا رَجْعَتي نُقِشَتْ في كُلِّ جَانِحَةٍ إنْ شاءَ لي القَدَرُ
هواكَ فينا كُمونٌ غَيْر مُنعَدِمٍ يَخْبو صَبورًا وعنْدَ الحَسْمِ يَنْفَجِرُ