روحي ما زالت هناك ..

اغمضَت عينيْـها وارخت رأسها على مقعد الحافلة تحاول تصديق الأمر .. ما زالت تضع في مخيلتها أن الرحلة لن يكتمل مسيرها أو أن وجهتها ستتغير ..
هاقد وصلت الحافلة " حاجز قلنديا العسكري " ونزل الركاب ليعبروا منه سيراً على الأقدام ، وعيونها ترقب هذا الاذلال بصمت فما يهمها الآن فقط هو العبور والدخول للمدينة حتى وصلت للجانب الآخر لتركب حافلة جديدة وإحساس غير التصديق ما زال يحوم حولها ..

إنها الآن بالمدينة تيسر على قدميها متوجهة لمقصدها ، وخطواتها السريعة تسابق قلبها وعقلها المعلقين هناك ، بالمكان المُـقدّس .. سير طويل ومشقة والناس صائمون ، حتى وصلت على بابه واضعة يدها على قلبها ترجوه الهـدوء دون جدوى .. يا الله كم نشتاقك أيها الأسير ونتلهف لرؤيتك .. ما أروعكَ وأبهاكَ .. إنه المسجد الأقصـى المبارك ، ما أطيب هواه وما أنعشه ، حتى الهواء هناك مختلف .. هاقـد رأت أخيراً قبة الصخـرة الذهبيـة ففاضت عيناها بالـدموع تحبس بيديْهـا صوت الشهقات ..
لم تترك مكاناً مُتاحاً إلا وذهبت إليه هناك ، وعينيها تتأمل كل شيء وقلبها يعانق المكان بأسره ، حتى الصلاة لا تريد إلا أن يلمس جبينها أرض الأقصى مباشرة ، فكل شيء مقدس ..
ياه كم هو الإحساس بالحرمان كبير ، والظلم الذي يصفع هذا الشعب من كل صـوب .. حتى جعله بهذه الحالة المأساوية .. والاحتلال سمح من جديد بزيارة الأقصى للنساء وكبار السن مرة بالسنة في شهر رمضان ويوم الجمعة فقط .. ورغم مشقة الرحلة وصعوباتها الجمة ، إلا أنها الرحلة الأروع على الإطلاق ..