النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ملاحظات في دفتر الغياب

  1. #1
    الصورة الرمزية المختار محمد الدرعي
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2014
    الدولة : مكة المكرمة
    المشاركات : 532
    المواضيع : 86
    الردود : 532
    المعدل اليومي : 0.13

    افتراضي ملاحظات في دفتر الغياب

    أنا غائبٌ عن نفسي
    كما يغيب ظلّ الغيمُ
    في مرآة المطر…
    أعدُّ أنفاسي
    كأنها خطوات شخصٍ
    لم يأتِ بعدُ إلى الحياة…
    تركتُ ضوءي في جيب شمس الغروب
    نسيت أن أُوصي الليل
    أن لا يُشبهني كثيرًا…
    كلّما كتبتُ عنّي
    محوتُني
    لأبقي أثرًا
    يعرفني أكثر منّي…
    أنا الآن فكرة
    تُجرّب أن تمشي حافية
    فوق جمر السؤال…
    في وحدتي
    تعزف الريحُ لحنًا
    أعرف أني ألفتُه
    حين كنت ظلًّا لطفل لم يُولد…
    الوقتُ لا يمضي
    أنا الذي أُفرغ الساعة
    من عقاربها
    كي لا تعضّني…
    أرسم وجهي
    في زجاجٍ مكسور
    لأرى كم مرّة
    تشرّدتُ بداخلي…
    كلّ صمتٍ
    هو رسالة
    منّي إليّ
    بخطٍّ لا يُقرأ…
    انشغلتُ عن العالم
    برتق فراغٍ
    خلّفته لحظة دهشة
    نسيت أن أغلق بابها…
    أنا النائم في الحرف
    أنتظر أن يوقظني
    صوتُ حبرٍ
    يعرفني أكثر من الورق…
    أصنع سلّما
    من تنهّداتي
    لأصعد إلى فكرة
    تركتها منذ قرنٍ في صدري…
    كلّما قلت "أنا"
    شعرت أنّني أعتذر
    لشخصٍ
    لم ألتقِ به بعد…
    في انشغالي
    تتكوّر الروح كجُرح
    تخجل أن يُشفى…
    أنا القصيدة
    التي تنسى نهايتها
    كلّما وصلت إلى القافية…
    حين غبتُ
    أنا لا أكتب
    أنا أُصغي لصوتٍ
    كان نائمًا في أصابعي…
    كلّ ما فيّ
    هو محاولة
    لأن أفهم نفسي
    قبل أن تُفسّرني المرايا…
    حين أرحل عنّي
    أُسلّم مفاتيحي
    لظلّي
    وأقول له: "كن لي وطنًا"…
    أنا هنا
    لأُمسك بحزني
    قبل أن يتحوّل
    إلى نشيدٍ لا يُغنّى…
    وفي النهاية
    أكتبني على هامش الصمت
    وأتوقّع أن أقرأني
    في غيابٍ قادم…

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 22,665
    المواضيع : 379
    الردود : 22665
    المعدل اليومي : 4.78

    افتراضي

    أيها الغياب المكتوب كأنك حضورٌ مشوّه...
    حين قلتَ:
    "أنا غائب عن نفسي كما يغيب ظلّ الغيم في مرآة المطر"
    فهمت أنك لا تتحدّث عن هروبٍ عابر، بل عن غيابٍ يتكاثر داخلك،
    كأنك تُحاول أن تلمح ملامحك في ماءٍ يرتجف،
    ولا ترى سوى الطين.
    وحين قلتَ:
    "كلّما كتبت عنّي محوتني"
    عرفت أنك لا تكتب لتُظهر نفسك،
    بل لتخفيها من عينيك،
    كأنك تخشى أن تراها عارية من الزيف، صادقة حدّ الألم.
    وعندما اعترفت:
    "الوقت لا يمضي، أنا من أُفرغ الساعة من عقاربها"
    أدركت أن الزمن عندك لا يُقاس بالدقائق،
    بل بالدهشة…
    وبتلك اللحظات التي لم تُغلق بابها،
    فظلّت تتسلّل إليك كتيه لا ينتهي.
    وفي قولك:
    "كلّ صمتٍ هو رسالة مني إليّ بخط لا يُقرأ"
    علمت أن وحدتك مزدحمة،
    وأنك تحاور نفسك بلغاتٍ لا صوت لها،
    تحاول فكّ الشيفرة… وأنت نفسك القفل والمفتاح.
    أما عندما قلتَ:
    "أنا القصيدة التي تنسى نهايتها كلما وصلت إلى القافية"
    فقد بان أنك لا تخشى النسيان،
    بل تخشى أن تكتمل،
    لأن الاكتمال عندك موتٌ لمعنى لم يُولد بعد.
    وحين أسلمت مفاتيحك لظلّك وقلت له:
    "كن لي وطنًا"
    أيقنت أن الوطن عندك ليس مكانًا،
    بل أثر...
    أثر خفيف لشخصٍ كنت تحاول أن تكونه،
    ولا زلت تحاول.
    وفي النهاية…
    حين كتبت نفسك على هامش الصمت،
    فهمت أنك لم تكن تبحث عن قارئ،
    بل عن نُسختك الضائعة،
    التي سترجع ذات غيابٍ قادم،
    لتقرأك كما لم يفعل أحد.

    نبض الحرف بقوة وبشاعرية محلقة
    في خاطرة جميلة أدهشتني صياغتها
    تنم عن فكر راق ومشاعر عذبة وأحاسيس شفافة.
    دمت وجمال حرفك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي