يا بُلبُلَ الـدَّوحِ، شَاقَتنَـا الأغاريـدُ متَى يُشَنفُ هَـذَا الغُصـنَ تَغرِيـدُ؟
مالِي أراكَ تجـوبُ الأفـقَ مبتعـدًا وَمِلءُ جَفنَيكَ يَا ابنَ الروضِ تسهِيـدُ
ألستَ مَـن عَلَّـمَ الأطيـارَ شاديَـةً أغَانِيَ الفَجرِ مَا لاَحَـت ْمواعِيـدُ؟
وَفِي جَناحَيكَ هامَ الطَّرفُ مَا خَفَقَـا وبينَ ثوبَيْكَ حُلـمُ الدهـرِ موجُـودُ
يَا شَاعِرَ الأمَّةِ العَربَاءِ هل نضَبَـت ْتلكَ القَوافِـي و خَانَتـكَ الأنَاشيـدُ
أم ْعضّكَ اليَأسُ ممـا هَـاجَ هاتِنَنَـا مِن نَائباتٍ لهَا فِـي الصَّـدرِ تنهِيـدُ
أم هَل ذَوت ْنَغَمَـاتٌ منـكَ ناعِمَـةٌ أم ْصوَّحَت ْفي الرُّبى تلكَ العناقِيـدُ
إنِّـي أُعِيـذُكَ يَـا حَـادِي قوافلِنَـا مِن عِيِّ مَن سَكَتُوا مِن هَولِ ما كِيدُوا
وأنتَ أُغرودَةُ الدنيَـا إذَا وَجَمَـت ْورفَّـةُ الطَّيـرِ إمَّـا مَـالَ أملُـودُ
وبَسمةٌ فـي شِفَـاهِ الأرضِ حالمِـةٌ وفَرحَـةٌ سَاقَهَـا لـلأرضِ مولُـودُ
أمَا لحَرفِكَ بعـدَ اليَـومِ حَمحَمَـةٌ، وللمعانِي اللَّواتِـي صُغـتَ تردِيـدُ
وهَل لعذبِكَ مِـن كَـأسٍ نُلـمُّ بِهَـا، أَو نشوَةٍ فِـي حَنَايَانَـا لهـا عُـودُ؟
تطرِيبُكَ الأمـسَ أحيَانَـا وَأنعشَنَـا وصَمتُكَ اليَومَ منهُ القلـبُ مجهُـودُ
فأنهَض بِلفظِكَ فوقَ الجُرحِ ممتَشِقًـا سيفَ اليراعِ ففِـي هبَّاتِـهِ الجُـودُ
وَقُل بِشعرِكَ مَـا يَشفِـي جَوانحَنَـا ففِي الحشَا كمَـدٌ كالبَحـرِ ممـدُودُ
وامسَح ْعلى الشَّرقِ آلامًـا تُسَهِّـدُهُ يا شاعِـراً قلبُـه للشـرقِ مشـدودُ
أمَا استثارَتْـكَ عَيـنٌ منـهُ باكِيَـةٌ أو دمعَةٌ جرَّهَا لـلأرضِ عربيـدُ؟
أو صَرخةٌ تتَلظَّـى فِـي مَرَاجِلـهِ كأنهَا عاصِـفٌ ضاقَـت بِـه البِيـدُ
أمَـا استَحثـكَ أقصَانَـا ومقدِسُنَـا باتَـت تُعَفِـرُه الصـمُّ الجلاَميـدُ؟
وفِـي مآذنِـهِ حُــزنٌ ومَلهَـبَـةٌ مذْ شـابَ آفاقَهـا البيضـاءَ تلمـودُ
وعَن فَلسطِينَ أذكَى طُولَ غُربتِنَـا، مِـنَ اليهـودِ غرابِيـبٌ منَـا كِيـدُ
فِـي كُـلِّ شبـرٍ لنَـا هَـمٌّ نكَتِّمُـهُ وفيـهِ تجمعُنَـا نَــارٌ وأُخــدُودُ
حظّ البُغاةِ علينَا الشربُ مِـن دَمنَـا، وحظّنَـا مِنهُـمُ شجـبٌ وتنـدِيـدُ
لا أرضُنا حُرّةٌ يُرجَى الأمَـانُ بهَـا ولاَ حِمانَا مِـنَ العَاديـنَ مرصُـودُ
أمسَت ْمُنَى أُمَّتِي في كفِّ مَن غَدَرُوا وفارسُ الفتحِ فِي الأهلِيـنَ مفقُـودُ
يا شاعِري غَالَتِ الأهـوَالُ شارِقَنَـا فأيـنَ أنـتَ وهَاتِيـكَ الأغَـاريـدُ
قَد فَرقَت شَملَنَا الأهواءُ وانتَصرَت ْفنحـنُ مِـن بَعدهَـا قَـومٌ أبَاديـدُ
والغَربُ مِن فَوقِنَا ضَـاءَت مَنارَتُـهُ وَنحـنُ مِـن تَحتِـهِ أيَّامُنَـا سُـودُ
لاَ مَن يُنَشِّرُ رايَـاتٍ لنَـا نُكِسَـت ْولا فتًى فِي يدَيـهِ النصـرُ معقـودُ
فأينَ حَسَّانُ يحدُو الركبَ منطَلِقًـا وفـي لسانِـهِ للإسـلامِ توطِـيـدُ؟
ومِـن قَوَافِيـهِ للأعـدَاءِ دَمـدمَـةٌ كالنَبلِ فِي غَلَسٍ سِيمَت بهَـا السِّيـدُ
وأينَ كَعب ٌ عَلاَ كعبُ الجِهادِ بِـهِ وفِـي مطَالِعِـهِ للكـفـرِ تفنـيـدُ؟
قَرائحٌ أيقظَت ْ فَجرَ الزمَـانِ وفِـي راحَاتِهَـا أبــدًا للـحـقِّ تأيـيـدُ
كم أنشَدَت فاسترَقت ْ أنجُمًا زُهُـرًا وأذعَنَـت دُونَهـا تِلـكَ المقالِـيـدُ
فلم ْيَزَل ْشِعرُهَـا للمدلِجيـنَ هُـدًى وفِـي مصَابيحِـه للنهـجِ تسـدِيـدُ
ومِن مَعَانِيـهِ شـادَ الأولـونَ لهُـم صرحًا علَـى بابِـهِ شـمٌ صنادِيـدُ
يا ابنَ العروبَةِ والإسلامِ أنتَ عَلَـى ثغـرِ العُروبَـةِ والإسـلاَمِ معـدُودُ
وفِي بيانِكَ سَيـفٌ مشـرَعٌ وعَلَـى حَرفَـي لسَانِـكَ للبَاغِيـنَ تهـديـدُ
فغَنِّ مَا نَاحَتِ الغِربَانُ فِـي وطنِـي فأغنياتـك فــي أيامـنـا عـيـدُ
واحمِل ْ لأمتِنَـا فِـي ليلِهَـا شعَـلاً ففِي سَنَـاكَ لهـذَا الـدربِ تعبِيـدُ
وفي قصَائِـدِكَ الغَـرَّاءِ، جَامِحَـةً للـرُّوحِ تزكِيـة ٌوالصـفِّ توحِيـدُ
يا بُلبلَ الدوحِ يَـا نَامُـوسَ نهضَتِنَـا أَنشِد ْفإنّكَ فـي الأقطَـارِ منشُـودُ



رد مع اقتباس