الفراق
باسمي وباسم كُلِّ الذين تَلَقَّوا نَبَأَ وفاة آبائهم وهم في ديار الغُربة، وقَد حُرموا من نظْرَة الوداعِ الأخيرة على أغلى أَحِبَّتهم.إلى الذين احترَقَت الدَّمعات في مَحاجِر عُيُونهم ، ونزَفَت الآهاتُ في سويداء قلوبهم.وبقيت غُصَّةٌ حارقةٌ تتَلَجْلَجُ في صُدورهم أبَد الدَّهر.

ابكِِ يا عُصفُورُ من فوقِ الغُصونِ واذرفِ الدَّمعَ فقد جَفَّت عُيوني
أنَـا يـا عُصفـورُ لم ألْمَحْ أبي مُنذُ عهدٍ، هَيَّج الشوقُ شُجوني
أنـا يــاعصفـورُ قلبي جَذوةٌ ويتيـمٌ ضَيَّـعَ البَحرُ سَفيـني
فرَّقَت شَملي أعـاصيرُ النَّـوى وكَوَى التَّرْحالُ جُرحاً مـن حَنيني
فَأَنـا يـا طيـرُ طيـرٌ مُحْزَنٌ في رَوابي الكَونِ قد ضاعت وُكُوني
كُسِرَ المِجدافُ في كـفِّ الجَوى وَبِعُرْضِ البَحرِ ليلاً قَـد نَسوني
أَتُرى ياصــاحِ أسلو لوعَتي ؟ قَبِّلِ الوَسنانَ مــن عَينيْهِ دُوني
رَحَل الصَّوتُ الــذي يُؤنِسُني وغَـدا ذِكْرى بأثْـوَاب السِّنينِ
فَلَقد أَحسَسْتُ أَنِّــي ضاِئِـعٌ قَلعـةً كنتُ وقد دُكَّت حُصُوني
أَتُوارُونَ الثَّرى من في فؤادي ؟ ضُمّـَهُ ياتُربُ كالأُمِّ الْحَنـونِ
واحْمِلي يـا مَعْشَرَ الطَّير لَـهُ مِنْ بَّهِيِّ الرَّوضِ أزهـارَ الفُتونِ
واسْقهِ يــا طَلُّ قَطْراً دافِئـاً كي يفوحَ الوردُ من بينِ الغُصون
كم تَمَنَّيتُ لو أني حــاضرٌ أَكتب الإحساس بالدمع الهتـون
تركضُ السَّاعات والشَّوقُ بهـا كيف َ أنسى ساكناً بين الجُفون
آنسِ اللَّهُم ضيفاً قـد أَتَـى قاصداً رُحمـاكَ في صِدْقٍ وَدينِ
واجمـع ِ اللَّهُمَّ شَمليْنـا على كَوْثَرِ الفِرْدوس في يَـومِ اليَقين
فِرقــةُ الأحباب كأسٌ مُرَّةٌ شَرِبوا قَبْلــي ومِن ثَمَّ سَقُوني

بقلم : بدر محمد عيد الحسين
badrhussain@maktoob.com
الرياض 25/12/1425 هـ
* الوكون : جَمع وَكْن وهو عش الطائر