ليست قصة حب .. ليست عن الكره .. ليست عن التضحية .. ليست عن الواقع .. ليست عن الجمال .. ليست خيال ..
انها قصة عن الحب .. ليست قصة حب .. ولكنها عن الحب نفسه .. الحب الذي يجمع كل تلك الاشياء ..

عجبا لها تلك المرأة .. تلك المرأة ..! ملاك !

منتصف الليل ولم يأتي بعد .. أين هو.. اليوم هو اليوم السابع الذي يأتي فيه في وقت متاخر .. ولكن اليوم ليس ككل يوم .. الليل حضن الظلام .. والغيوم زادت من بشاعته سوءا .. والمطر يهطل على الشارع فيجرح مشاعرها مع كل قطرة .. أين ذهب.. ماهذا الليل الكئيب!
يا الهى أين كانت أيام السهر حين كانت ترى الليل ساحرا .. تنظر الى النجوم تفكر في ظله !

خرجت الى الشرفة تنظر الى الشارع لعله يأتي من بعيد .. ينير ظلمة الشارع الكئيبة .. تخطو خطوات متوترة .. تتمتم بالصلاة من قلبها .. مؤمنة تلك المرأة .
تلك المرأة .. تنتظر وياله من انتظار .. تتوتر .. يزداد نبض قلبها .. تستمع الى لحن الساعة الممل .. تلك المراة .. تغضب .. لا تتمالك اعصابها .. تذهب الى السرير تمثل النوم لعله يأتي ويعطيها قبلة على جبينها ويقول عذرا ملاكي .. الطرق مزدحمة .. وتظل تحلم وتحلم .. وتدرك فجأة ان الحلم سراب ..
تستيقظ تلك المرأة من سباتها الوهمي .. تمشي في الغرف .. وكأنها تبحث عن شيء يلهيها ..
هاتفه غير متاح .. العمل أعلن ساعة الراحة بعد تعب اليوم الطويل ..
تلك المرأة تفقد أعصابها .. تهتز مشاعرها .. تضعف .. تشعر بالضيق .. تتصرف كالمجنون .. تكسر المراّة .. تكسر الزهرية .. تقذف الكراسي .. أين هو .. أين هو ..

والفراغ يا عزيزتي الفراغ .. الفراغ ملعب الشيطان .. لعله مع امراة اخرى .. لعله الان في حضنها .. أم يا ترى لعله اصطدم بسيارة اخرى .. لعله في المشفى .. لعله سافر .. لعله كره الحياة معي .. لعله كره تسلطي .. وخوفي عيله .. لعله لعله لعله ...

الفراغ يا عزيزتي ملعب الشيطان ..

وفجأة جرس الباب .. تجري وتجري وتجري تلك المراة وترى الباب بعيدا بينها وبينه أميال .. ولا تقوى تلك المرأة على الانتظار .. تجري لعلها ترى عينيه .. لعلها تراه سليما .. وتفتح الباب ..
لتجد زوجة الجار تطمئن .. فقد سمعت صوت أشياء تتكسر .. – أنا بخير لا تقلقي شكرا- زوجة الجار سمعت تكسر الاشيء .. ولم تسمع صراخ قلبها !!
قوية تلك المراة !

أذان الفجر أذن برحيل المساء .. ولم يأتي بعد .. تذهب الى غرفتها .. تلبس ملابسها .. تضع النقاب على وجهها .. ولا تدري ما الذي تفعله .. فقط تريد أن تبحث عنه .. أين ؟ لا تدري ... كيف ؟ لا تدري .... لا يهم .. المهم أن تراه يسعى ليجري في حضنها ..

والفراغ يا عزيزي الفراغ .. الفراغ ملعب الشيطان ..

تفتح الباب .. لتجده امامها .. سكران .. مخمور .. رائحة فمه الكريهة جعلتها تبتعد عنه رغم فرحتها بقدومه ..

وتستعجب تلك المراة .. ورغم ماحدث لها .. ورغم صراخها وعصبيتها .. ورغم بعده .. تفرح بمجيئه .. وتجري اليه لتقول اشتقت اليك .. فتجده يقول : تبا لكي .. أريد مالا ..
حسنا ولكن اين كنت ؟
لا دخل لكي .. أعطيني مالا الى متى ستتحكمين في حياتي .. انا لم أعد طفلا بعد الان .. اريد المال الان ..
ترفض
يضربها ..
تقول : أتضربني .. أتضربني يا ولدي ؟!!
تبكي وتبكي وتبكي تلك المرأة
يصرخ في وجهها تبا لكي يا امي !! .. يسرق مالها يتركها على الأرض
تمسك به .. وتقول حرام عليك .. حرام عليك يا ولدي..
يضربها برجليه على وجهها .. ويرى الدم ينزف منها .

تتعصب .. تزداد حدة .. تقوي نفسها .. تكشر عن أنيابها تلك المراة .. وتقول له .. الرحمة يا ولدي..
يالحلمك .. صبورة تلك المرأة ..
ويسام الرجل .. يسأم الطفل .. يسأم الولد .. يسأم الابن .. يمسك قطعة زجاج مكسورة .. ويطعنها عدة طعنات .. اصمتي .. اصمتي .. اصمتي .. اصمتي
وورغم حدة الزجاج .. تسمعه يقول ..
اصمدي .. اصمدي .. اصمدي .. اصمدي
فتصمد .. وتتمتم .. وتنظر في عنيه .. وهو في ذهول ..
تصمد تلك المراة لتقول :

سامحك الله يا ولدي .. سامحك الله يا ولدي ..

قوية تلك المراة ..

ويبكي الولد .. يبكي .. يصرخ ويجهش في البكاء .. والناس من حوله في ذهول ..

ماتت .. ومات الحب في زمانها .. يبكي ومت يدري لعلها بداية توبة .. والناس في ذهول..
قاتل أمه .. قاتل أمه ..

والشيطان ينظر من الخلف .. ويضحك .. ويضحك .. ويضحك ..

والفراغ يا عزيزي الفراغ .. الفراغ ملعب الشيطان !