اتخذت ركناً قصيا، وأوغلت بعداً عن عالم مليء بالأشواك وعتمة الزمن.
ما عادت روحها تحتمل وخزات الظلم وقسوته ، فعزمت على الرحيل..
اتخذت من البحر مأوى لها.. ارتمت بين أحضانه ، وخلعت روابيها خريف الماضي لتعزف تراتيل لحنٍ تناغم مع تتابع موجه حانية على رمال الشاطئ...
تسربت مياهه شوقا ليعانق جسدها الغافي تحت ضوء القمر.
خلف الشطآن كانت تحاك أسطورة عشق، فكّت بشدو أنغامها ضفيرة الحزن من جنان شعرها لتملأ الجداول زهورا ، وحلقت الفراشات تسأل عن الرحيق لتروي عطش السنين.

أطلّ النهار دافئاً فعادت إطلالة إشراقةٍ ملأت مياه الخليج دفئاً ، تسللت نسمة طهر جسدها فبدّلت تكوينه وراح يزفّ إلى فضاءات الروح البشرى ... تاهت الكلمات واللوحة تزدان بألوان طيف قزحيّ توّج احتفالها القدسيّ.
ناموس الطبيعة لم يكمل السكينة تحت ضوء القمر..
فهبّت عواصف , تلاطمت الأمواج , وعصفت الريح بالأشجار فاهتزّت على أوتار هدير البحر .. ليتحقّق التوحد بين رسم الذاكرة، وخارطة الجسد..
نبض شريان الماء بخفق ذاك الفجر، وصب حلاه في تلك النقطة ليروي تربتها بحكايات ليل، وانشقاق نهار.
أثمرت الأرض حبّاً يداوي سقم روح تعطشت للهفة لقاء..! فأضاء سراج قلبها كي تعود إلى معزوفة الحياة ...
مقاصد حلمٍ تتمنى أن تصل إليه .. ليعيد إلى الجزيرة رونقها.
تناجى النبض مع النبض، واكتمل عقد القوافي في ومضات تسرق ارتعاشة قلب أشقاه الترحال ، وروح تشابكت مع نثرات المطر وأطلت الشمس لتدفىء الحياة من جديد.
حنان دافئ يلفّها... يغمرها .. فتتوالى تدفقات عشقية تزيل تراكمات مقهورة طواها الدهر في لحظة .. ومضى.

نداءات المد والجزر تحضن حلمها مع تباشير التدفق على موانيها طربا بولادة واحة الأمل بمكان يبعد عن صحراء القلوب.
على شاطئ النسيان لملمت ذكرياتها، ونثرتها فتاتاً على زبد الموج.
توجته الآتي أميراً على النجوم لتضىء له الدرب كي لا يتعثر.
غفت سفنها التائهة على شاطئ سلام.. وأبحرت في عينيه أنشودة ترتلها عوالم السحر .. وحكايات الألف عام ...