رداءَ الشعر لا تبلى عليّا
ولا تطفئ شموعك في يديّا
ولا تترك فؤادي دون خلًّ
يبث الدمع ليلا سرمديّا
رداءَ الشعر كم ناجاك مني
معانٍ نبضُها ما زال حيّا
تنبّأتُ القوافي مُسْرجاتٍ
فتعدو للنجوم تروم ضيّا
وتهمي للعيون بكل لونٍ
يصوغ الحلم رسما عبقريّا
وللبدر المسافر كم تراءتْ
تسامره وقد أفضى مليا
وتركب في رياح البعد شجواً
وتدنو باشتياقٍ للمحيّا
تهز الوجد بالألحان نشوى
فتثمل دون أن تقتات شيّا
تناجي الزهر بالعطر افتناناً
فتلثم ثغره البكرَ الشقيّا
وتُهدي للشواطئ من خُطاها
بقايا الموج دفاقاً قصيا
تضمّ من الجواهر كل غالٍ
وتحت دثارها تُجري سريّا
وتنسج من خيوط الشمس بوحاً
لتبعث في الوجود لها نجيا
أتذكرُ يا رداءَ الشعر ليلاً
مشيناه بلا خطوٍ سويا
نغني ما اشتهينا من بحورٍ
فتمنحنا من العذب الرويّا
ويسري في جوانحنا صهيلٌ
يداعبنا وإن خلنا خفيّا
ترفرفُ في فضاء الأنسِ جنحٌ
تهدهدنا فنتبعها مُضيّا
تحيط بنا الخمائلُ كاسياتٍ
بإشراقٍ وكان بنا حفيّا
تداعبني القوافي في دلالٍ
أباعدها فتسبقني إليّا
رداءَ الشعر قد أسبغتَ حسناً
ومثلك لم يزل خِلا وفيّا
تدثرني بطهرٍ ذي حياءٍ
وتدفعني لكي أرقى عَليا
وتمنحني الشجاعة كبرياءً
وتخفض لي جناحك يا أخيّا
تؤازرني إذا ما اشتد خطبٌ
وفكري لم يزل رطباً نديّا
عرفتك مخلصا في كل حرفٍ
تراجع دفتري أمراً ونهيا
وتحيا توأماً لي في صفاتي
صدوقاً مذ عرفتك لي صفيّا
رداءَ الشعر لا تبلى فإني
لمثلك لم أجد عندي سميّا
مروان المزيني