معزوزة وأبو مازن

دق الباب.. تكرر الدق..
الحجة معزوزة تسير ببطء نحو الباب؛ تفتح الباب؛ ثلاثة شبان من أبناء المخيم بالكاد تعرفهم يقفون خلف الباب؛
قال أحدهم: "السلام عليكم يا حجة؛ شو انتخبتي واللا لسا؟"
الحجة معزوزة: "والله يا بنية أنا لا بروح ولا باجي؛ أنا صحتي على قدري ويا دوب حاملي حالي"..
الشبان: "احنا بنوخذك وبنجيبك يا حجة وهي السيارة واقفة بنوديكي وبنجيبك وما بتتعبي كلها دقيقتين"..
الحجة معزوزة تصر على الرفض وتتصرف كمن تريد انهاء الحديث معهم.
الشبان بعد تكرار الطلب من الحجة معزوزة بالذهاب معهم إلى صندوق الاقتراع ؛ تركوها وغادروا المكان.
كان هذا صباح يوم الاقتراع وعند المساء ومع تمديد فترة الاقتراع دق باب الحجة معزوزة مرة أخرى.
الحجة معزوزة تسير ببطء نحو الباب، فإذا في الباب ثلاثة شبان آخرين وهذه المرة هم أبناء الجيران تعرفهم الحجة معزوزة وتكن لهم حبا كبيرا لعطفهم الدائم عليها وسؤالهم عنها فهي وحيدة في بيتها منذ سنوات وأبناء الحارة أبناؤها ورفاق أبنائها الغياب،
تقدم الأول فقال بسرعة وهو يوحي بأنه على عجل من أمره: "السلام عليكم يا قمر، إش سمعنا انك مش منتخبة؟ هو بيصير هاظ؟ يا اللا معانا"..
أمسك الشاب وأخوه الذي كان معه وشاب آخر ترك سيارته على باب بيت الحجة معزوزة أمسكوا على الفور بالحجة من ذراعيها وبدأوا يشجعوها على القدوم معهم إلى حيث صندوق الاقتراع.
الحجة معزوزة - تحاول التملص-: "طيب بعدين يا بنية، طيب والله ماني قادر أمشي، طيب لأخرى شوي"..
الشبان: "شو لخرى شوي!!، بدهم يسكروا، وبعدين السيارة على الباب خطوطين برة السيارة وخطوتين جوة السيارة وكل سنة وانتي سالمة"..
الحجة معزوزة: "طيب استنوا ألبس الجرزاي وخلقت المنديل بدكم اياني أروح هيك؟!!
الشبان يمشون خطواط ممسكين بالحجة معزوزة.
احدهم يقول وهو يداعب الحجة: "وانتي مالك؟! هيك مثل القمر؛ واللا بدك تتحومري وتتبودري هسا!!.
الحجة معزوزة: "أنا !! أعوذ بالله !! واللا عمري ما حطيت هيك شغلات" .
الشبان يضحكون وأحدهم تناول المنديل والجرزاي للحجة معزوزة وكانت تعلقهن في مكان قريب، وساعدوها على ارتدائها ومن ثم تذكر أحدهم فسأل : هويتك وين يا حجة؟
الحجة معزوزة كأنما تغتنمها فرصة لتتأخر عن الخروج معهم وتجعلهم يغادرون لبعض الوقت علهم ينشغلون عنها.. آآآ الهوية يا بنية .. تتظاهر بمحاولة التذكر .. الهوية وين ؟ والله كنها في الخزانة جوة خليني أفوت أدور عليها".
الشباب يصرون على عدم ترك الحجة ويبقون أيدهم ممسكة بذراعيها ويقول أحدهم: "يا حجة هذيكة اليوم حطتيها تحت صحون القيشاني، ولو صرتي ناسية!! لمن جبتلك كرت المؤن وحطتي معهن".
الحجة معزوزة: "أيوة أيوة أيوة" .. كأنما تذكرت .. "طيب أروح أجيبها"
الشبان لا يتركونها تذهب للداخل بل يدخل أحدهم مسرعا ويجلب الهوية .
يمسكون بالحجة ويساعدونها على ركوب السيارة ويتجهون بها إلى مركز الاقتراع ..
في الطريق يسألها أحدهم: "حجة مين بدك تنتخبي؟؟"
الحجة معزوزة تشاهد يوميا صور المرشحين المعلقة كالغسيل على الحبال المتشابكة، تشير الحجة معزوزة إلى صورة "مصطفى البرغوثي" وتقول: "هذا والله شخصيتو حلوة بدي انتخبوا هذا شخصية".. الشباب يعلوا صوتهم مستنكرين: "شووو شو يا حجة إوعكي"،
الحجة معزوزة: "ليش يا بنية هذا شخصية!!"،
الشبان: "هذا شيوعي يا حجة.. شيوعي.. بترضيها انتي" ..
الحجة معزوزة بصوت منخفض مستسلم: "طيب يا بنية مثل ما بدكم"،
الشبان: "انتخبي أبو مازن" ،
الحجة معزوزة: "هاظ؟؟!!" ..
"يا حجة هاظا زلمة فهمان وبدو يزبط الحال" ..
"طيب يا بنية"..
السيارة تتوقف قرب مركز الاقتراع، الشبان الثلاثة ينزلون الحجة معزوزة، تستقبلها سيدة تعمل في مركز الاقتراع وترحب بها بحفاوة بالغة ترفع معنويات الحجة وتشعرها بأهمية قدومها،
وتتمتم الحجة: "يا بييا محسنهم معي كإني جاي أحججهم"...
تدعو السيدة الحجة معزوزة للتوجه نحو مكان الاقتراع
الحجة معزوزة تدخل إلى مكان الاقتراع وهي تقول: "وينوا أبو مازن، ياللا أبو مازن وينو؟!". مدير القاعة يضحك ويستقبل الحجة ويقول: "حجة شو اسمك؟"
الحجة معزوزة تجيب مباشرة: "يا بنية أنا عامية لا بقرا ولا بكتب ومعرفش اشي أنا بدي أبو مازن وأروح رجلي مش حاملاتني الله يرضى عليك يا بنيّة تخلصني"..
"الشغلة بسيطة ياحجة وع السريع أعطيني هويتك وأصبعك وتفضلي أبصمي هان.. أيوة هيك ممتاز .. و خذي هالورقة وحطيها في الصندوق والله يسهل عليك"..
عادت الحجة معزوزة إلى البيت مع الثلاثة كما جاءت.. في ظهر اليوم التالي كانت الحجة قرب بابها فمرّ أحد هؤلاء الشبان فألقى عليها التحية وهو يضحك وقال: "شو يا حجة عرفتي مين اللي فاز؟ أبو مازن"..
الحجة معزوزة تضحك وتقول: "شايف لولاي ما فاز ياللا انبسطوا.. تعال هين وين رايح؟؟ تعال قيم هاللي حطتو ع صباعي، هاظ أنا زي اللي دشر إيدا الثنتين وحنى صباعو"..

ربيحة علان علان
20/1/2005م
مخيم الجلزون- رام الله