(بُـردةُ الوَصل)...



بحرٌ من الخيرِ أم رَحبٌ من النِّعَمِ
يا دُرَّةَ الكونِ يا ياقوتة الأممِ
قد فاض شوقي وعشقي لستُ أكتُمُهُ
يا قِبلةَ الحب والعُشّاقِ والخدمِ
روحي فداكم وجسمي طوعُ أمركمُ
يا أكرمَ الخلقِ فاقبلني ولا تَلُمِ
فإن تدعني لعصياني أَمُتْ كَمَدا
وإن تَمُنَّ فتاجُ الجودِ والكرمِ
وقد وقفتُ بباب الوصلِ مبتهِلا
مُطَأطِئ الرأسِ أرجو الخدَّ للقَدَمِ
ما ضلَّ من يقتفي أنوارَكُم أبدًا
يا مَنبعَ النورِ في دوامةِ الظُّلَمِ
فمن سواكم حبيبي يُستضاءُ بِهِ
إن أظلَمَ الكونُ بينَ التيهِ والعَدَمِ
ومن سواكم يُرَجّى للهدى أملًا
إن حالَ حاليَ بين الوصلِ والنِّعَمِ
طال اشتياقي لوصلٍ منكَ يا أملي
متى تَمُنُّ على صَبٍّ بِكُم سَقِمِ
بكى فؤادي لطولِ البُعدِ في ألمٍ
فكَفكَفت دمعَهُ آمالُ معتَصِمِ
بالحُبِّ أحيا وأرقى كلَّ مستَنَمِ
قلبي وروحي فداءُ الحبِّ والألمِ
فالقلبُ لولا الهوى ما ذاقَ بهجتَهُ
والروحُ لولا الجوى لم ترقَ أو تَهِمِ
وأعذبُ الحُبِّ عشقٌ ليس يبلغُهُ
إلا الذي هامَ بالمختار من إِضَمِ
أستغفرُ اللهَ إن قصَّرتُ فيهِ وَلَمْ
أُوفِ الحبيبَ بصدقِ الحُبِّ والندمِ
على المعاصي التي قد خضتُ لُجَّتها
حتى رمتني إلى شَطٍّ من الحُمَمِ
وأسلمتني أسيرَ النفسِ تجلِدُني
في كُلِّ حينٍ بألوانٍ من الظُّـلَمِ
أمّارةُ السوءِ لا إحسانَ يردعُها
جَبّارةٌ في الهوى تمضي بلا لُجُمِ
كم عذَّبت خِسَّةً روحي مُبدِّلةً
قلبي لذيذَ الرِّضا بعَلقَمِ النِّقَمِ
وكم أضلتهُ مِن بعد الهدايةِ إذ
تُغريهِ حينَ تُذيبُ السُّمَّ في الدَّسَمِ
والنفسُ إن تُرِكَتْ أَودَتْ بصاحِبِها
سُبْلَ الهَلاكِ وإن ألجمتَها تَجِمِ
وليسَ يُلجِمُها إلا الخبيرُ بها
فالزمْ حِماهُ تكنْ معْ خيرِ ملتَزَمِ
وبادِرَنْ توبةً صحت عزيمتُها
فاللهُ يقبلُ من قد تابَ في ندم
ولا تَغُرَّكَ أعمالٌ تطولُ ولا
حسنُ الشبابِ ولا ممطولةُ الهِمَمِ
ولا تُسَوِّفْ فإنَّ الموتَ يأتي بلا
إذنٍ فيفترسُ المفجوءَ بالنِّقَمِ
والجأ لجودِ رسولِ الله إن له
من العِنايَةِ حِجْرًا كاملَ النِّعَمِ
يختارُ من سعِدتْ بالوصلِ مُهجتُهُ
فيصطفيهِ حبيبُ اللهِ بالكرَمِ
ومن تكن من رسولِ الله قُربَتُهُ
نال المعاليَ واستولى على العِظَمِ
فمن كطه اكتمالا في محاسِنِهِ
كأنه الحُسْنُ في خَلْقٍ وفي شِيَمِ
فأحورُ العينِ مَكحُولٌ به دَعَجٌ
أَزَجُّ أَقرنُ مربُوعٌ بلا تُهَمِ
إذا تَرشَّحَ ضاعَ المسكُ وانحدرت
قطرُ الجُمانِ لمشتاقٍ ومُغتَنِمِ
كالسَّيلِ يمشي إذا ما جَدَّ في طَلَبٍ
أو الهُوَينى مع الأطفالِ في كرمِ
يا أبلجَ الوجه يُستسقى الغمامُ بهِ
أوتيتَ حُسنَ الوَرى مِن دونِ مُقتَسِمِ
فمِن جلالكَ هاب الناظرونَ لكم
وفي جمالكَ أمسَوا أعشقَ الخَدَمِ
يرجون نيل رضاكم .. لا يَقِرُّ لهم
حتى اللقا خاطرٌ في الصحوِ والحُلُمِ
يا عاشق المصطفى أهدِ الصلاةَ لهُ
عساكَ تُبصرهُ يومًا بلا غَسَمِ
وإن سُئِلتَ فمن في الكونِ قاطبةً
مِنَ الخلائقِ لم يُدرك ولم يُرَمِ
فقُلْ بكلِّ يقينٍ غيرَ مُلتَبِسٍ
مُحَمَّدٌ خيرُ خلقِ اللهِ كُلِّهِمِ
مُحَمَّدٌ لا يُدانى في شمائلِهِ
ولا يُقارَنُ بل يعلو على الأُمَمِ
مُحَمَّدٌ سيد السادات ، ما طلعت
شمسٌ على مثلِهِ .. كلا ولم تَنَمِ
ولا تقرَّبَ للمعبودِ يَشهَدُهُ
مثلُ الحبيبِ ولا جبريلُ ذو العِظَمِ
فلو تجاوزَ بعدَ الحدِّ أحرقَهُ
أما محمدُ فاستدناهُ ذو النِّعَمِ
يا أكرَمَ الخلقِ عند اللهِ مَنزِلَةً
سبحانَ من بِكُمُ أَسرى إلى حَرَمِ
في ليلةٍ عطَّرَ الأكوانَ سيدُها
وفاضَ أنوارُها في الأربُعِ الدُّهُمِ
صليتَ بالرُّسْلِ تأكيدًا لمَنزلةٍ
أُوليتَها فوقهم يا خيرَ مؤتَمَمِ
وخَصَّكَ الله بالمعراجِ مُرتقيًا
فاجتزتَ مخترقَ الأطباقِ والقِمَمِ
لِكلِّ مُقتربٍ حَدٌّ يُحَدُّ بهِ
وأنتَ يا سيدي تعلو بلا جَشَمِ
حتى بلغت مقام القُرب وانكشفت
لك الستورُ فلم تُصعَق ولم تُضَمِ
ونِلتَ مَنزلةً ما نالها أحدٌ
من خالِقِ الكونِ والإيجادِ والعَدَمِ
فمن كأحمدَ يومَ الحشرِ ينفعُنا
إذا فزعنا ولم نظفر بمُعتَصَمِ
هو الشفيعُ الذي يقولُ هأنذا
إذا الجميعُ توارَوا دون مُقتحِمِ
بهِ الخلائقُ لاذت يومَ مَحشرها
فقال إني لها .. غوثٌ من الغُمَمِ
فأمَّتي أُمَّتي .. في الحَشرِ يُرسِلُها
حتى يُجابَ بما يُرضيهِ من نِعَمِ
" سل تُعطَ ، واشفعْ تُشَفَّعْ " تلك مَنزِلَةٌ
ليست لغيرِ أبي الزهراءِ في الأمَمِ
فيحمدُ اللهَ كنزًا من مَحامِدِهِ
فيُستَجابُ لهُ .. يا فرحَةَ النَّسَمِ
هو الرؤوفُ الرحيمُ ليس يترُكُنا
حتى نجوزَ من الأهوالِ والقُحَمِ
فالمصطفى كان في الدنيا هدايتنا
وفي القيامة منجاةٌ من الحُمَمِ
قد أسعد الأرضَ والأفلاكَ مولِدُهُ
فعَمَّتِ الكونَ أنوارٌ بلا سُدُمِ
فاليوم يولد أعلى الخلق منزلةً
وأطهرُ الناس من عُربٍ ومن عَجَمِ
واليوم يُكسى جبـيــنُ الأرضِ دُرَّتَهُ
ويعبَقُ العطرُ في الوديانِ والأَكَمِ
ويشرقُ الصدقُ في الآفاق مبتسمًا
ويُنذَرُ الكفرُ بالإزهاقِ والثَّرَمِ
شُرْفاتُ إيوانِ كسرى أذعنت فهوت
لله ساجدةً تبكي من النَّدمِ
وماءُ ساوةَ غاض اليوم مبتهلا
واستحيتِ النارُ رغمَ السَّجْرِ والضَّرَمِ
وفرَّ كل قعيدِ السمعِ مرتجفًا
من حارقِ الشُّهبِ أو من دامِغِ الرُّجُمِ
فيوضُ أنوارِ طهَ منذ مولدِهِ
إلى القيامةِ تُنجي كُلَّ مُعتصِمِ
نفسي فِداهُ فكم ضُرٍّ تَحمَّلَهُ
حتى يُبَلِّغَنا الإسلامَ في أَمَمِ
أبكي دمًا قبلَ دمعِ العينِ من أَسَفٍ
لِما أصابَ رسولَ اللهِ من وَصَمِ
كم كَذَّبوهُ وكم آذَوهُ ويحَهُمُ
بَل قاتَلُوهُ وأَدْمَوا غُرَّة العَلَمِ
وعذبوا صحبَهُ حتى ارتقت وعلت
سُمَيَّةُ الحقِّ صبرًا دونَ مُنتَقِمِ
وياسرٌ زوجُها أكرمْ بموعِدِهِمْ
في جنةِ الخُـلدِ قد فازوا بمُختَتَمِ
وحاصروهُ سنينًا معْ أقارِبِهِ
وصَحبِهِ دونَ إشفاقٍ على رَحِمِ
حتى إذا أكلوا الأشجارَ من سَغَبٍ
واستَنهَكَ الظُّلمُ فيهِم كُلَّ ذي شَمَمِ
وأسلَمتْ روحَها قُربًا لبارئِها
خديجَةُ الحُسنِ من سادَتْ على الأمَمِ
وماتَ من كانَ مأواهُ ونصرتَهُ
ولم يُسلِّمْهُ يومًا عابدي الصنمِ
شاء القديرُ بأن يُنهي ابتلاءَهُمُ
بدودةٍ أكلت وثيقةَ الظُّلُمِ
فباسمكَ اللهُ تبقى خيرَ شاهدةٍ
على المهيمنِ أخزى كُلَّ مُحتَكِمِ
يا ليتَ لي مثلَهُمْ وعدًا بصُحبَتِهِ
إذن لدامَ سروري وانتهى ألمي
وليتني معهُ في يومِ هجرَتِهِ
أحمي حِماهُ وأفدي روحَهُ بِدَمي
إذ فارقَ الأرض والأحبابَ في أَلَمٍ
لينشُرَ النورَ رغمَ القهرِ والظُّلَمِ
واستصحَبَ الصادقُ الصِّدِّيقَ يُؤنِسُهُ
في هِجرَةٍ صانَها الرحمنُ من قِدَمِ
واسأل سراقةَ إذ ساخت سنابِـكُهُ
حتى استجار ثلاثًا مُظهرَ النَّدَمِ
وزاده سيدي من فضله كرما
سوار كسرى بوعدٍ غيرِ مُنخَرِمِ
واسأل قريشًا ببابِ الغارِ إذ وقفوا
يرجون إفكًا فنالوا شرَّ مُنهَزَمِ
عن عنكبوتٍ أضلَّتهُمْ بأوْهَنِها
وعن حَمامٍ حَمى المعصومَ من طُغَمِ
فيمكرون بليلٍ لا نهارَ لَهُ
والله يمكرُ .. ما الإصباح كالغَسَمِ
يمضي الحبيبانِ أسماءٌ تُمِدُّهما
ذاتُ النطاقين أكرمْ بابنةِ الكرمِ
حتى إذا أشرقت أرجاء طيبةَ بالــ
أنوارِ وانتشرت مِسكًا بغيرِ دَمِ
فاضت بأنصارها من كُلِّ ناحيةٍ
يستبشرون بما حازوهُ من نِعَمِ
ويشكرون طلوع البدر بينهمُ
من بَعد ليلٍ بهيمِ الشرِّ مُضطرمِ
فآثروا إخوة الإسلام واقتسموا
أموالهم بل أرادوا قسمة الحُرَمِ
وبايعوا المصطفى ما سَرَّ خاطرَهُ
ببيعة الصدق في حربٍ وفي سَلَمِ
كانوا رجالا وأوفوا كُلَّ عهدهمُ
ثم ارتضوا أحمدًا في كُلِّ مُقتَسَمِ
منهم قضى نحبه .. وثَــمَّ منتظِرٌ
فلم يُبَدِّلْ عهود الصدقِ والذِّممِ
في كل موقعة للحق تُبصرهم
أُسودَهُ تَنهشُ الأوباشَ كالغنمِ
وإن أتى مَغنَمٌ عفُّوا وقد قنعوا
بالمصطفى في حماهم خيرَ مغتَنَمِ
يا سعدهم إذ دعا الرحمن يرحمهم
وكُلَّ أبنائهم طُرّا بلا سَدَم
وقال لو خالف الأنصار غيرهمُ
لاختار شِعْبَكُمُ – لا غيرَهُ – قدمي
في مَنْعَةٍ مِنهمُ لاقى أعاديَهُ
فاحتزَّ أعناقهم في كُلِّ مُصطَدَمِ
واسأل ببدرٍ قليب الكفرِ كم جمعت
من كُلِّ جائفَ مقطوعِ الوتينِ عمي
كم عذبوا من ضعيف في ديارِهُمُ
حتى اعتلاهم بمُجتَـزٍّ ومُصطَلِمِ
وجَرَّ رأسًا أَذَلَّ الكفرُ عِزَّتَها
مَن كانَ أمسًا يُنادى راعيَ الغَنَمِ
وعدٌ من اللهِ أوفاهُ لمن صَبروا
من يصدقِ اللهَ يَصدُقْهُ وينتَقِمِ
حتى إذا فُتحت أمُّ القرى لهُمُ
نصرًا من الملكِ الجبارِ ذي القلمِ
قال اذهبوا وعفا عنهم وأطلقهُم
برحمةٍ مُزجَت بالفضلِ والكرمِ
العز بالدين لا بالجاه والذهبِ
متى ارتقينا به سُدنا على الأممِ
والدينُ علمٌ وأخلاقٌ ومُعتَقَدٌ
فاتبَعْ رسولكَ فيهم تُهدَ للحِكَمِ
واحذر هواكَ فما والاهُ ذو غَفَلٍ
إلا هوى هالكًا في كُلِّ مُلتَطَمِ
ما ضل من كان خيرُ الخلق قدوتَهُ
في القولِ والفعلِ والأحوالِ والشِّيَمِ
حُبًا وصدقًا وإجلالًا ومكرمةً
لمن أظلَّتهُ حُبًا أشرفُ الغِيَمِ
وللذي لَبَّتِ الأشجارُ دعوتَهُ
وحنَّ شوقًا إليهِ الجِذعُ في ألمِ
وانشقَّ بدرُ الدجى كيما يُصَدِّقَهُ
من أعرضوا ثم قالوا: ساحرُ الحَرَمِ
كم من مريضٍ شكا من طولِ عِلَّتِهِ
حتى شفتهُ يدُ المحبوبِ من سَقَمِ
واسأل قتادةَ عن عَينٍ براحتِهِ
يومَ افتدى من سهامِ الكفر خيرَ فَمِ
فردها بيمينٍ لا يُرَدُّ لها
من صاحبٍ الأمرِ أمرٌ مُكرَمُ الذِّمَمِ
فليتني كنتُ أفدي وجهَهُ بدمي ..
وليتَ عينيَّ ذاقا نظرةَ الرُّحُمِ
لما اشتكى جيشهُ في الحَرِّ من عطشٍ ..
ولاذ بالمصطفى كالزرعِ بالدِّيَمِ
تفجر الماءُ يجري من أصابِعِهِ
حتى ارتوى وتوضا كُلُّ مستلِمِ
لو لم يكن لرسولِ اللهِ معجزةٌ
إلا الكريمُ الذي أوحاهُ ذو الكرمِ
لأذعنت لكتابِ اللهِ خاشعةً
عقولُ أهلِ النُّهى والعلمِ والحِكَمِ
نورٌ من اللهِ لا تفنى عجائبُهُ
وليس يَخلَقُ من ردٍّ ومن قِدَمِ
من ابتغى في سواهُ الهَديَ أُضلِلَهُ
وذاق من حاد عنهُ بأسَ مُنتقِمِ
وقولُهُ الفصلُ صدقٌ غيرُ ذي عِوَجٍ
وحكمهُ العدلُ حقٌ غير مُنقَصِمِ
وأهلُهُ أهلُ ربِّ الكونِ خصَّهُمُ
بالقرب والنور والإكرام والعِظَمِ
هو اصطفاهم فَوفَّاهُمْ وزادَهُمُ
نعمَ الشكورُ بلا مَنٍّ ولا نَدَمِ
يا رب فاقبل مُحِبًّا في رحابهِمُ
يرجو عطاءكَ يا ذا الجودِ والكرمِ
يا رب صل على المختار سيدنا
في كل حينٍ وسلم دون مُختَتَمِ
وآله الكُمَّلِ الأطهارِ سادتنا
منابعِ النورِ والإحسانِ والنِّعَمِ
وخُصَّ منهم عليا زوجَ فاطمةٍ
ربيبةِ الطهرِ أم السادةِ العِظَمِ
سِبطَيْ رسولِ الورى أكرم بنسلهما
فرعِ الحبيبِ إلى الأصلِ الكريمِ نُمي
أفدي حُسينًا شهيدَ الظلمِ مُحتَـسِبًا
وصاحب الصُّلحِ سادَ القومَ بالحِكَمِ
يا رب وارضَ عن الأحباب كُلِّهِم
صحبِ الرسولِ ذوي الأنوارِ والهِمَمِ
وعن أبي بكر ثاني اثنينِ ضمَّهُما
غارُ المحبةِ والإخلاصِ والعِصَمِ
وعن أبي حفص مولانا وسيدِنا
رمزِ العدالة من يخشاهُ كُلُّ كَمي
وعن شهيدِ كتاب الله تٓـندُبُهُ
دماءُ مصحفِ ذي النورينِ والكرمِ
وعن أبي حسنٍ زوج البتولِ أُفٓــد
يــهِ بروحيَ والأموالِ والخُذُمِ
وارحم من امتدحوا خيرَ الورى مِقَةً
وارزقهُمُ النورَ في الإصباحِ والعَتَمِ
حسّانَ وابنَ زُهَيرٍ من صحابتِهِ
والقائدَ ابنَ رواحةٍ أبا الحُزُمِ
وصاحبَ البُردةِ الميمونُ سيرتُهُ
ومن على نهجها قد جادَ بالدِّيَمِ
واغفر لشيخي فكم للخيرِ أرشدني
حتى تسامى لطه مادحًا قلمي
وارحم أبي صاحبَ الأفضال علَّمَني
حُبَّ القريضِ وحُبَّ المصطفى العَلَمِ
فكُلُّنا لرسولِ اللهِ مُلتجئٌ
عساهُ يقبلُنا يومًا من الخَدَمِ
يا رب هذي ذنوبي لستُ أُنكِرها
وأنتَ تعلم ما يخفى من الجُرُمِ
ذنبي عظيمٌ وظني فيكَ تغفرُهُ
وترحمُ الضعف يا ذا الفضلِ والكرمِ
بل تُبدِلُ الذنب إحسانًا وتُضعِفُهُ
بلا حسابٍ ولا حدٍّ ولا ألمِ
فإن حُبَّ رسولِ اللهِ في كبدي
والشوق يلهبني في كل مُنتَسَمِ
في جيرةِ المصطفى نُشِّئتُ مِن صغري
وفي هواهُ تهاوت أدمعي بدمي
وباسمهِ شَرُفَ اسمي وازدهى فرحًا
" وكيفَ لا يتسامى بالنبيِّ سمي "
لعلني حينَ يبكي الناسُ من فَزَعٍ
يضمني في حِماهُ غيرَ منصَرِمِ
ما ضيمَ من ضَمَّهُ المأمولُ شافعُنا
دنيا وأخرى وفي محياهُ في الرَّجَمِ
فابسط عليَّ جَناحَ الحُبِّ يا أملي
ويا شفيعيَ في الدارينِ والدُّهُمِ
يا سيدي وأجرني كُلَّ ضائقةٍ
ما خابَ مَن بكمُ قد لاذ في القُحَمِ
ما أَمَّكُمْ عاشقٌ يرجو محبَّتَكم
بالصدقِ إلا وكنتم خيرَ مُؤتَمَمِ
ولا استجارَ بكم في ضِيقِهِ وَصِبٌ
إلا أَجَرتُمْ وكنتمْ قلعَةَ الكَرَمِ
وإنني مُدْنَفٌ لا شيء يُسعِفُني
إلا رضاكم أيا بُرئي ويا سَقَمي
فامنن عليَّ بوصلٍ لا يفارقني
ولو بجنة عدنٍ فاللقا نِعَمي
صِلْني حبيبي ولا تَحجُب أسيرَ هوًى
عنِ اللقاءِ شهودًا غيرَ مُنكَتِمِ
وأذن لقبري يكنْ في قُربِ ساحَتِكُمْ
قد عشتُ فيها فهلا كان مُختَتَمي
عسايَ أُبعَثُ يومَ الحشرِ من جَدَثي
مُؤَمَّنًا بجوارٍ غيرِ منخَرِمِ
عليكَ مني صلاةٌ لا انقطاعَ لها
في كُلِّ حِينٍ تُرَوِّي قلبَ كُلِّ ظمي

-----------

أحمد السيد يوسف

الإسكندرية - المدينة المنورة - القاهرة – قبيل مغرب يوم عرفة الجمعة 9 / ذو الحجة / 1435 هـ الموافق 3 / 10 / 2014 م