قالـتْ وفي عينِها شيءٌ من الخَجَلِ
إنّـي أحـبُّــك جـِــــدّاً لــيــس بـالـهَـزَلِ
دارَيــْتُ حُـبَّـكَ بـالآهــاتِ أكْــتُـمُـهــا
حـتّى تـَفَجَّـرَ كـالـبُـركـانِ فـي الـجَـبَـلِ
فـكمْ سَـهِـرْتُ أُناجي الـلـيـلَ حالِـمَةً
أبـْنيْ قُــصــوراً عـلى تـَـــلٍّ مــن الأمـلِ
وكـمْ لَـمَحْـتُ خَـيَـالاً مـنـكَ يَـتْـبَعُني
وكـمْ حَـلِـمْـتُ بـعَـذبِ الـشِـعْـرِ والـغَزَلِ
وكمْ شـدوتُ بـلَـحْـنِ الـحُـبِّ أُرْسِـلُـهُ
كـأنّـنـيْ طـائـرٌ يَــشْـــدُو عـلــى طَـلَـلِ
أَوْ زَهْـرَةٌ فاحَ منها العِطْرُ في سَحَرٍ
والـنـاسُ نَــوْمى فَـعَـمّـا فــاحَ لا تَـسَـلِ
قالتْ وقالتْ ونارُ الصَمْتِ تـُحْرِقُني
والريحُ تُضْـرِمُ ما في الصَدْرِ من شُعَلِ
أغْمَضْتُ عينيْ أُواريْ دَمْعَها بيديْ
فالدمعُ لو فاضَ ذاكَ الـعيبُ في الرجُلِ
زَفَــرتُ زَفــرَةَ مَــصْــدُورٍ بـــِهِ كَـــمَــدٌ
وقـلـتُ والـقـولُ قد يُـغْـني عـن الـعـمـلِ
بـيْ مـثـلُ مـا بـكِ لـولا أنّـنـي وَجـِلٌ
أنْ تُفـْجَئي باخـتلاطِ الـخَـلِّ بالـعَـسَـلِ
فالـنَـفْــسُ تَــوّاقـَـةٌ لــكــنْ بـلا أمَـــلٍ
والـبُـعْــدُ أَرْحَــمُ مــن قُــرْبٍ بــــلا أمَـــلِ
كمْ يرتجي الـمرءُ أحلاماً نِـهايَـتُـهـا
كالـكُـحْـلِ بَـعْـثـَرَهُ دَمْــعٌ عـلـى الـمُـقَــلِ
وَيُـلْـقـي آمالَـهُ في غـيرِ مَـوضِـعِـها
للـريحُ تَـدْفِــنُ مـا يُـلـقــيــهِ فـي الـرَمَـلِ
أميرتي : مَـنْ أتى في غيرِ مَـوْعِـدِهِ
سَـيَقرَعُ الـبـابَ قَـرْعَ الـخـائِـفِ الـوَجـِلِ
قــد قــدّرَ اللهَ أنْ لا يَـــوْمَ يـَجْـمَـعُـنـا
هـذا الــنَـصِـيْـبُ ولا تُـجـديْ به حِـيَـلي
لا عَـذْلَ يَهْدي الذي تـاهَـتْ سَـفائِنُهُ
سَـيـفُ الـقـضـاءِ لهُ السَبْقُ على العَذَلِ
فـإنْ نَـأى بـِـكِ عَــنّـي الــدَرْبُ رافِـلَـةً
يَــوْمَ الـزِفـافِ بـأبهى الـحَـلْيِ والـحُلَـلِ
فَـلْـتَـذكُـريْ عـابـراً مَـرَّتْ سَـحـائـبُـهُ
يـومـاً عـلى دارِكـمْ تَـمـشـيْ عـلى مَـهَــلِ
ولْـتُطْرقيْ لَحْظَـةً لا طُـوْلَ يَفْضَحُها
ولْـتُـرْسِلِيْ بَــسْـمَـةً من مَـنْـهَـلِ الــقُـبَـلِ
وتَـمـتِـمِـيْ : رَبِّ قـد قَـدَّرْتَ لي قَـدَراً
فـاجْـعَـلْـهُ خَـيـرَ الـذي قَــدَّرْتَ فـي الأزَلِ
ورُبَّ عَـوْضٍ أتى مِنْ غَـيْرِ مُحْتَسَبٍ
أنْـسـى مُـعَـوَّضَـهُ والـخَـيْـرُ في الــبَـدَلِ
ها أنتِ ذِيْ قد وَرَدْتِ مَنْهَـلاً غَــدَقـاً
وَوارِدُ الــنَـهْـرِ مُــسْـتـَغـْنٍ عـــن الــوَشَـلِ
قـد قـالها مـالِـئُ الـدنـيا وشـاغِـلُـها
"في طَـلـعَـةِ الــبـدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَـلِ"
وقُــلــتُ قــولَــتَــهُ يَــأسـاً وتَـسْـلِيَـةً
"أنـا الـغَـريـقُ فـمـا خَـوفـيْ مـن الـبلـلِ"
فَـرَدِّدِيْ قـولَــهُ _إنّ الــشــفـاءَ بـهِ _
"فَـرُبَّـما صَــحَّــتِ الأجْــســامُ بـالـعِـلَــلِ"
ورُبَّـمــا انثـالـَتِ الأمـثـالُ مُـقـنِـعَـةً
ورُبَّـمــا ســارَ بَـيْـتُ الـشِـعْـرِ بـالـمَـثَــلِ
هَـذِي الـحـيـاةُ بـلا طُـوْلٍ ولا قِـصَرٍ
يَحْـيـا بـهـا الـمَـرْءُ بَـيْـنَ الـيـأسِ والأمَـلِ
فالليلُ لو طالَ نُورُ الـصُـبْحِ كاشِفُهُ
والأرضُ تُـنْـبـِتُ بَـعْـدَ الـجَـدْبِ والـمَـحَـلِ
عاهَـدْتُ رَبّيْ وأنـتِ كُـنـتِ شـاهِـدَةً
أنْ لا أحِــيْـــدَ عـــن الــحَــقِّ إلـى الــزَلَــلِ
ولا أمِـيْـلَ لِـذَاتِ الـحُـسْـنِ في سَـفَهٍ
ولــو رأيــتُ قَـــمِــيْـــصــاً قُـــدَّ مِــنْ قُـبُـلِ
ما كُـنْـتُ ذا صَـبْـوَةٍ أيّامَ كُـنْـتُ فتًى
فـكيفَ أصْـبُـو وشـَعْري شَـعْـرُ مُـكْـتَـهِـلِ
أمسيتُ أحْـسِـبُ أيّـاميْ وأحْسَبُـها
لا شـَــــكَّ مُـدْنِـيَـتـيْ مــن ســاعَــةِ الأجَـلِ
سَـلَّمْتُ أمري لِـرَبِّيْ فـاقْتَفيْ أَثـَرِيْ
فـالأمـــرُ لـــلّـــهِ مِـــنْ قَــبْــلُ ولـــم يَــــزَلِ