خبرة

يملك طاقة هائلة، وقدرة ديناميكية في إقناع الغير، ومهارة فائقة في ركوب كل موجة جديدة، وبراعة لا تخيب الظن في الخروج من كل مأزق.. يهيأ له ظروف النجاح في كل ذلك الفساد المستشري في البلاد رغم ثورة القهر التي ما تركت مكانا إلا ووصل إليه هديرها..
بهذا، فهو أمام أضواء الكاميرا رجل تقدمي الآراء، جريء الفكر، يدعو إلى تحمل المسؤولية في التصريح بالأخطاء والسلبيات دون الإلحاح على الإيجابيات وحدها..
وهو في أوساط المعارضة ثائر ضد كل المؤتمرات التي تقام وتنتهي دون إيفاء مشاكل الوطن حق حلها بشفافية.. وهو أمام "سعاد"، زوجته الرابعة في السر وابنة الشخصية الدينية المرموقة، رجل ذو قوامة ويستحق أكثر من أربع نساء على وجه الأرض لولا ميزة الحور العين.. وهو أمام أم أبنائه رجل مكافح، يعرف كيفية الحصول على رزقه بشرف..
وعبثا تذهب جهود خبير المحاسبة في الشركة التي تم فصله منها مؤخرا كرئيس فرع كبير فيها، ليعين بعدها أستاذا للاقتصاد والمحاسبة في أكبر جامعة بالعاصمة وينتهي به الجهاد العملي إلى الفوز بالحقيبة الدبلوماسية ليزداد شجاعة وجرأة وخبرة وشهرة في عمل بعد عمل.. غير أن هذا النجاح الكبير يجلب معه المتاعب، حين يطالبه بعض من مؤيدوه إيفاء حق انتخابهم له، وذلك بالكشف في أحد الجلسات البرلمانية عن ستار الرياء الذي يختفي وراءه فساد المجتمع، وبأن يفضح المؤتمرات وكل الجلسات الزائفة والإعلانات المبرمجة والأفلام الهابطة في الإذاعة والتلفزيون، وبأن يظهر لضحايا السجن والاعتقالات الأسباب الحقيقية لجرائمهم وبأن يطلقها صرخة مدوية أمام كل أعوان السلطة والصحفيون والإعلاميون المبرمجون بأنهم يتآمرون على الإنسانية الممثلة في الشعب الكادح، وبأن الغلاء مستفحل والمعيشة ضنكا، وبأن الحلال يفقد هيبته..
إلا أن خبرته العملية علمته أنه لا يستطيع أن يكون سياسيا لامعا ويقول الحق في الوقت نفسه.. بذلك أتى خطابه مدروسا بما يكفي ليقول فيه: "عاش الشعب بظل الكرامة.. من لا يؤمن بحقوق الإنسان فليخرج من هذه القاعة خجلا من انتخاب الشعب له، ومن آمن بسماسرة الحقوق والواجبات فليخرج أيضا.. لكنني أشد ثقة في الأيادي النزيهة، وبأنني لن أكمل هذه الجلسة وحدي..!!".