قالت ليَ : " اكتبْ فيَّ شعرا " قلت : " لا "
إلا إذا سار الضياء مكبَّلا
أو بدّدت ألقَ النهار خطى الدجى
ومضى الضحى بمدى الضلال مسربلا
أو مزَّقت شدوَ العنادل غصَّةٌ
شرق النعيق بها ، فساخ مجندَلا
أو أهرقت شمس الصباح شعاعها
دمعا يحيل الطل ليلا أليلا
أنا لست حاسوبا لديك مبرمجا
لك خاضعا ، أو هاتفا متنقّلا
كلا ، ولا أرجوحة تلفينها
قبل التلهّي أُتْخِمت لك مخملا
والشعر ليس – كما ترين – مطيةً
تدني – إذا بدأ المسير – الموئلا
والحب ليس قصيدة موزونة
تهب النساء تمنعا وتدللا
ما رمتِه ألقته قافيتي إلى
زحف السراب ، فآده قيظ الفلا
فلتبحثي عمّن تخامر قلبه
دعوى التهالك في الهوى مستوهلا
أو من يرتل نبضه كذبَ الجوى
ويريقه متدلها متبتلا
لا تقلقي إن صاغ فيك قصائدا
لا الأمسَ مدركة ، ولا المستقبلا
أوَ لست تحتفلين بالشعر الذي
يأتي حماك ؛ مزمرا ومطبّلا؟
ويزف آلاف التحايا جوقة
تصمي الربى ، وتصك أسماع الملا
كلفٌ بطيفك – وهْو معصوب الرؤى-
من زاره وهم الغرام ، فما قلى
وكأنما الشعراء في يدك انزووا
فأقمت فيهم للتناحر معقلا
يتبادرون إلى رضاك ، وهم بلا
نغم سوى مزق الأنين تحوصلا
عفوا ؛ فشعري كلُّ ما أبصرته
بعيون قلبي ؛ حاضرا متمثلا
ولمسته بيد المشاعر ، سامعا
بسريرتي شدو النجاوى حفّلا
في حسنك الفتان زيف قابع
خلف الدهاء ، فكيف لي أن أَقبلا
وجمالك الطاغي مُوارٍ تحته
مكر الحِسان وإن تضاحك مُقبلا
أيذيقني زعم الصبابة ناره
فأسوق أطياف الهوان تذلّلا؟
إن التي ملكت فؤادي لم تزل
وحيا بمنهل الوفاء منزلا
هامت بها روحي ، فلم تسكن سوى
روض المودة ؛ ما أبرَّ المنزلا!