| 
 | 
دجى الليلُ أضْرِمْ وَقِيْدَ  السَّمَرْ  | 
 و عَزِّ الفؤادَ ببعض العِبَرْ | 
وحِكْ للدياجير حُزنَ القصيدِ  | 
 وشاحاً طَريراً وشُفِّ الصُّوَرْ | 
وخَلِّ الرياحَ تُثيرُ الشجونَ  | 
 وتعبثُ في جَمْرِكَ المُنْسَجِرْ | 
ورَتِّلْ مزاميركَ الثاكلاتِ  | 
 وحاوِرْ إذا ما عَجِمْتَ المَدَرْ | 
تسربلتَ بالحزنِ ناياً ثكولاً  | 
 يعابثُ فيكَ الاناةَ الضَّجَرْ | 
فَرَدِّدْ على وقْعِ نبضِ الحياةِ  | 
 فما اللَّحنُ غيرَ ارتعاشِ الوَتَرْ | 
مضى الصيفُ وانْسَرَبَتْ في يديهِ  | 
 وألقى عن الراحتينِ الثَّمَرْ | 
وأوقدَ من خوفِ قَرِّ الرحيلِ  | 
 شموساً يُذيبُ لظاها الحَجَرْ | 
ونَضَّبَ في الجَذْعِ أوْشالَهُ  | 
 وألقى زُهُوَّ الصِّبا وائْتَزَرْ | 
وعاثَتْ على مِنْكَبَيْهِ الهمومُ  | 
 ونَضَّبَتِ الوجنتين الفِكَرْ | 
وشابتْ بفُوْدَيْهِ سودُ الليالي  | 
 واعيا لدى السامرينَ السَّمَرْ | 
وصَرَّتْ جَداجِدُهُ في خُشوعٍ  | 
 وشيَّعَ منه المُقامَ السَّفَرْ | 
مضى مرغماً واستبدَّتْ رعودٌ  | 
 وودَّعَ منه الفُلولَ المَطَرْ | 
فرُحْتُ أقُصُّ على إثرِهِ  | 
 خُطى راحلٍ استبينُ الخَبَرْ | 
أويتُ إلى رُكنِ كوخٍ عهيدٍ  | 
 تمطّى على جانبيهِ الخَطَرْ | 
لأدرأ عنِّي غِضابَ أعاصيرِ  | 
 يومٍ عبوسِ الرُّؤى مُكْفَهِرْ | 
وكان الشتاءُ انتضى غيظَهَ  | 
 وولى خريفُ الهوى وازدَجَرْ | 
وما كنتُ وحدي ولكنْ شريداً  | 
 من الطيرِ آوى إليهِ ذُعِرْ | 
سلاماً ... سلامَ العصافيرِ إنَّا  | 
 صديقانِ في همِّ يومٍ قُدِرْ | 
تعالَ أقاسِمَكَ  الهمَّ حيناً  | 
 وأمسحُ عن جانحيكَ الوَضَرْ | 
تعرَّى وعرَّى الشتاءُ الخميلَ  | 
 وأسفرَ عمَّا انزوى واستَتَرْ | 
وما كنتَ تدركُ عُرْيَ الفصولِ  | 
 وما كانَ يُضنيكَ عِشيُ النَّظَرْ | 
وما كانَ عَيشُكَ غيرَ التَّصابي  | 
 وما كنتَ تَعْلَمُ معنى السَّفَرْ | 
تُحَلِّقُ أنَّى يَرِفُّ الجناحُ  | 
 صدوحاً بحُضْنِ الربيعِ الأغَرْ | 
تُراودُ منكَ الهوى نَورةٌ  | 
 أفاقتْ على ثرثراتِ النَّهَرْ | 
يُساقيكَ إمَّا ظَمِئْتَ النَّدى  | 
 و يَضْمَخُ جُنحيكَ طُهرُ القَطَرْ | 
وترعُشُ بالفَرْحِ أم بالضّنى  | 
 ثَمُولَ الهوى أم عَيِيَّ القَدَرْ | 
وتأوي إلى أغصنٍ راقصاتٍ  | 
 يَمِسْنَ إذا ما نسيمٌ عَبَرْ | 
و يوريكَ فجراً شعاعٌ رمى  | 
 بنحرِ الدُّجى نَصْلَهُ فانْحَسَرْ | 
تغني طليقاً لهيبَ الجوى  | 
 نشيداً بطرفِ اللُّهاةِ استَعَرْ | 
وتصغي لكَ الأنجمُ الناهداتُ  | 
 عذارى ولم يَقْضِ منها الوَطَرْ | 
تَضُوعُ بأكمامِهِنَّ المُنى  | 
 ويُوْشِي بِصَبْواتِهِنَّ الهَذَرْ | 
فتغفو بكنف الرُّبى حالماً  | 
 صريعَ الفواغم بينَ الزَّهَرْ | 
وولى الربيعُ ... وولى الصِّبا  | 
 وضاقتْ برَحْبِ الفضاءِ الصُّوَرْ | 
فجِئْتَ كما جِئْتُ كي اتَّقي  | 
 بكوخٍ عهيدٍ غِضابَ المَطَرْ | 
تعالَ فبي مِنكَ بعضُ الصِّفاتِ  | 
 و بي مثلُ ما فيكَ بعضُ الوَضَرْ | 
وفي مِعْصَمَيَّ قيودُ الرُّؤى  | 
 وطارَ بجنحيكَ عِشْيُ النَّظَرْ | 
وأشقى بما صَرَّفَتْهُ الحياةُ  | 
 وتَحْيَىْ سعيداً خَلِيَّ الفِكَرْ | 
فيا ليتني كنتُ يوماً شريداً  | 
 يذودُ جناحاكَ عني الخَطَرْ | 
ويا ليتَها لَمْ تَلِدْني الحياةُ  | 
 بصيراً وأعيى بنورِ البَصَرْ |