إلى حرّة أسيرة

إلى لينا الجربوني*، ولا يكفي اعتذار


بَدَأْتُ أُلَمْلِمُنِي مِنْ بَقَايَا طُلُولٍ
وَبَعْضِ بَقَايَا ذُهُولْ
وَعُدْتُ إِلِى الشَّمْسِ أَرْبُطُ رَأْسِي
فَلَا شَوْقُ قَلْبِي سَيُعْطِيْكِ أُفْقًا
وَلَا أَدْمُعُ الْقَهْرِ شَيْئًا تَقُولْ!

وَكُنْتُ انْتَظَرْتُ،
وَتَشْهَدُ تِلْكَ الْمَعَابِرُ أَنِّي وَقَفْتُ افْتِخَارا
وَقَفْتُ أُرَتِّبُنِي لِلِقَاءٍ
وَكُنْتُ أُهِّيِّئُنِي لِلْمُثُولْ..

سَلِي السَّنَوَاتِ الَّتِي عَذَّبَتْنِي بِوَخْزِ اعْتِذَارٍ
وَسِكّينِ نِسْيانِكِ المُسْتَحِيلْ
وَذَاكَ المَسَاءَ، وَمَا كُنْتُ أَهْذِي بِحُمَّى الْغِيَابِ
بِقَلْبٍ قَتِيلْ
وَكُنْتِ بِلَيْلِيَ طَيْفًا وَرُؤْيَا..
وَكُنْتِ بِخَاصِرَتِي نَزْفَ جُرْحٍ
وَمَا كَانَ يَوْمًا لَهُ أَنْ يَزُولْ

وَأَعْرِفُ أَنَّكِ لَسْتِ هُنَاكَ
وَلَكِنَّنِي كُنْتُ حَمَّلْتُ بَعْضِيْ سَمَاءَ اشْتِيَاقِي
وَقُلْتُ: تَرَاكِ، فَتَعْلُو سَمَاءَ..
وَتُشْرِقُ شَمْسُكِ بَعْدَ الْأُفُولْ!

...

سَيَحْكِي لَكِ الْصَّمْتُ
كُلَّ الخَبَايَا،
وَتَرْوِي الرُّؤَى فَصْلَهَا المُنْتَظَرْ
تُرَى هَلْ يُصَارِحُ تِشْرينَ غَيْمٌ
عَلَى بَابِ آمَالِ قَلْبِي انْهَمَرْ

غَدَاةَ تَقَدَّمَتِ العَائِدَاتُ مِنَ المَوْتِ دُوْنَكِ
مِتُّ، وَوَجْهُ السَّمَاءِ اكْفَهَرّْ
فَهَلْ يَعْرِفُ الْبَابُ
ذَاكَ اْلمُغَلَّقُ دُوْنَ الْحَرَائِرِ
مَاذَا تُخَبِّئُ تِلْكَ الْحُجَرْ؟
وَهَلْ يَفْطِنُ الْقَيْدُ ذَاكَ الَّذِي لَفَّ مِعْصَمَكِ الْمُتَوَضِّئِ فَجْرًا
لِطُهْرٍ حَوَاهُ.. إِذَنْ لَانْكَسَرْ

لَصَبْرُكِ مَدْرَسَةٌ لِلْجِبَالِ
كَأَنَّ الثَّبَاتَ الَّذِي غَادَرَ الْكَوْنَ
حُبًّا أَتَاكِ وَفِيْكِ اسْتَقَرّْ

فَكُنْتِ لَنَا حَاجِزَ الْصَّدِّ دَوْمًا
فَدُوْنَكِ بَرْدٌ، وَدُوْنَكِ حَرّْ
وَدُوْنَكِ بَطْشٌ، وَدُوْنَكِ قَهْرٌ، وَدُوْنَكِ "حَنْظَلَةٌ"
بَلْ لَعَلَّكِ
قَدْ ذُقْتِ مَا هُوَ دَوْمًا أَمَرّْ
سَيَأْتِي بِكِ الْصُّبْحُ مِنْ كُلِّ شَقٍّ
وَقَلْبِي شُقُوْقٌ، وَكُلِّي حُفَرْ

أَ"لِيْنَا" فَكَيْفَ اسْتَطَعْتِ افْتِرَاقَ الْمَشَاعِرِ بَيْنَ الْنَّدَى وَاْلحَجَرْ
وَكَيْفَ بَنَيْتِ جِدَارًا لَهُ ظَاهِرٌ مِنْ صُمُودٍ عَنِيْدٍ عَسِرْ
وَبَاطِنُهُ رَحْمَةٌ تَحْتَوِيْنَا،،
وَتَمْسَحُ عَنَّا الْأَسَى وَالضَّجَرْ؟!
أَ"لِينا" فَمَاذَا يَقُوْلُ الْرِّجَالُ
لِمَدْرَسَةٍ، أَنْتِ، حِيْنَ تَوَلَّتْ جُمُوْعُ الرِّجَالِ إِلَى الظَّلِّ عُمْرَا
وَقَاتَلْتِ وَحْدَكِ دُوْنَ الْبَشَرْ؟؟
بِمَاذَا يُجِيْبُكِ أَلْفُ اعْتِذَارٍ
وَقَدْ كُنْتِ دَوْمًا لَنَا مَنْ عَذَرْ
...
سَيُطْرِقُ مِنْ خَجَلٍ بَابُ غُرْفَتِكِ "الثَّالِثَةْ"*
سَيَصْمِتُ مِفْتَاحُهُ فِي انْكِسَارٍ
يِئِنُّ بِدَوْرَتِهِ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلٌ بَهِيْمٌ
وَلَاحَ صَبَاحْ

زَوَايَا الْمَكَانِ الَّتِي جَمَعَتْنَا،
وَجَلْسَتُنَا جَانِبَ السَّاحَةِ "القَبْرِ" فِي الْأَمْرِ نَحْكِي الكلامَ المُباحْ،
وَطَلْعَتُنَا فَوْقَ حُزْنِ الْغِيَابِ
وَوَقْفَتُنَا فَوْقَ صمتِ التأزُّمِ
في حيّزِ الأملِ المُستباحْ

أَنَاشِيْدُنَا يَوْمَ عِيْدٍ، وَأُخْرَى
"الوَصَايَا" الَّتِي كُنْتِ تَهْوَيْنَ مِنّي سَمَاعًا
وَلَا زِلْتُ أَتْلُو، وَأَتْلُو
لِــ "عَشْرِ الوَصَايَا"*.. وَأَلْفِ الْجِرَاحْ

وَأَتْلُوكِ وَحْدَكِ، حَادِيَةً فَوْقَ كُلِّ الْكَلَامِ
فَيُنْصِتُ لَيْلٌ،،،
يُؤَذِّنُ فَجْرٌ،،،
تُصَلِّيْنَهُ
...وَتَصُومُ الرِّيَاَحْ
!

_____________________
* لينا الجربوني: أميرة قسم 2 في سجن تلموند ،محكومة بالسجن خمسة عشر عاما، لم تخرج في صفقة التبادل.
* الغرفة 3: رقم زنزانة "لينا الجربوني".
* الوصايا العشر: قصيدة الشاعر أمل دنقل.

الاخت المبدعة وضحة غوانمة
مررت بنص باذخ ينم عن قدرة فذة على تطويع الكلمات
احسنت
تحيتي
د خليل

رائعة أنت كما دوما عزيزتي وضحة
كلمات نسجتها مشاعر تعي جيّدا صعوبة الحبك، ومتانة الخيوط التي شدّت، ولكنها ازدادت متانة وجودة رغم قهر الشّتاء ولياليه المظلمات؛ فنسجت وشاحا مميّزا على ضوء اليقين ونور المعرفة، لما خالج النّفس وأنهك الجسد في تلك الأمكنة، وسيبقى على الأكتاف يزخم برائحة الذّكرى القاسية...
وإن شاء الله ستحرّر لينا مثلما سمعت من أقاربها في بلدتي
أبدعت... رغم الحزن الذي نشر غيومه على أجواء النّصّ، والذي تفرضه صعوبة التّجربة وقساوتها
بوركت يا من أجدت الغزل...
تقديري وتحيّتي

أصالة المفردة تزهو بحلو الاداء الفني الجميل
وباقتدار مبدعها الذي يظل فينانا بما يكتب
ويظل القارئ مشدودًا لروعة السبك
وبديع التميز
وشاعرتنا المبدعة
وضحة غوانمة من النوع الذي نسعد بحرفها
وبأصالة ملكتها المقتدرة
أحيي شموخ هذا الحرف
وأبارك لشاعرتنا التميز الأخاذ
وبورك بهاء الحرف
تحياتي

نص شعري قوي ومتماسك كروح الشاعرة وروح الأسيرة التي أهدي النص إليها

تنص اتفاقية التبادل على تحرير جميع الأسيرات المحكومات، فلماذا لم تخرج لينا الجريوي في الصفقة مادامت محكومة!

رائعة أنت أخيتي

بوركت

اختنا الكريمة

وضحة غوانمة

لا لست ادري من بين دموعي ااكتب عن الشعر
ام عن القضية ..

نص خرج من الروح وكل كلمة فيه تشي بذلك

زما من احد يمر ويقرأك الا ويبكي

ولكنها أخيتي هيالحقيقة الرمرة التي تلازمنا مذ عرفنا انفسنا

في كل بليت شهيد أو فقيد او سجين

وفي كل بينت ارملة اويتيم او طفل لم ير ولده

تعودنا وادمنا الوجع وليسامامنا الا الصبر والإحتمال

فالفرج آآآت رغم سوط الجلاد

ستعود يوما وتلئم الجراح ونبتسم حين يصبح الوطن حرا

لك الف تحية ولالأسيرة كل الحب والدعاء

لِما لم أدرك المقعد الأول ؟ لأشاهد طهر حسك وصفاء نفسك وندى إخلاص مشاعرك محقوقه أنا لكِ ياعزيزه ذٌهل مني عقلي من جمال مانزفتي دمتِ مداداً لاينضب ياوضحه انتظريني دائما سأكون بمقدمة صفوفك محبتي لكِ واعذري صمتي فالصمت في حرم لجمال جمال تقديري يليق بكِ ياانيقه نور المصري

قرأت القصيدة والحزن يترك في نظرات العيون الأثر..
وفيها تعمقت حتى ظننت بأني هنالك في معبر الصمت أرقب حين شروق القمر
وخاب رجائي كما خاب أيضا رجاؤك أختي
ولم نلق بعد انهماراتنا غير أشلاء حلم تبدد في صمتنا وانتحر
وكثبان دمعٍ على الخد تحملها الريح من مقلة
لم تشاهد سوى الليل أقبل مرتديا نظرات الخفر


ولكن ...
يبقى الأمل أختي وضحة
قصيدك المذهل جعلنا نعيش معك كل خلجات نفسك
من شوق وأمل
وانكسار
ورحلنا معك في ذكريات الأسر وعشناها معك
هذه ليست قصيدة
هذه حياة
تقديري الكبير لقلمك أيتها القديرة

كم الحزن والخيبة والانكسار هنا حارق
والمعاني موجعة كالسياط
والصور التي حملها القصيد لذكريات الأسر ومعاناة الحرائر فيه تصفع الأرواح بحدّة

ولكن الأمل لا يموت غاليتي

وغد الحرية قريب والله

قصيدة رفيعة كروحك

تحيتي

أختي الشاعرة الكبيرة / وضحة غوانمة

ومن غيرك أيتها الحرّة الأبية يأتينا بتلك التفاصيل
الغرفة الثالثة / صمت المفتاح / وصوم الرياح..

هنيئاً لك ولها شرف النضال الحقيقي.

( ..إنّها أشياء لا تشترى !)

ودمت مؤمنة مستورة عزيزة أختي.