كطائرٍ يعزف الأفراح والشجنا
تزفّه الريح لم يعرف له وطنا
تدلي له الأمنياتُ الخضر من أفق الــ
ـخيال خيطا رفيعا ههنا وهُنا
فيشعلُ الحبَّ في وثباته طلبا
ويوكئ الشعر حتى يزهق الوهنا
وكلّما شحبت دنياه من فتن الـ
ـتشويق ألقى سؤالا : (من أكون أنا ؟)
مسافرٌ ليس يدري أين وجهتُه؟
ولا إلآمَ.. سيمضي هكذا زمنا؟
صبوحهُ فرحةٌ ترتادُ مبسمَه
غبوقه دمعةٌ تستوطن الوجنا
رفيقه الشعر كم لاقى على يده
متاعبا وتلقّى منه كلّ ضَنى؟
يال المسافر هذا وجه رحلته
يكسو تفاصيلَه لونُ الغبار عَنَا
أتى كزائر فجرٍ وانثنى وله
في كلّ جفنٍ أيادٍ تشحذ الوسنا
ولم يكن حظُّ إيمانِ الحياة به
إلاّ كحظِّ ضلولٍ يرتجي وثنا
ولو على قدر نبل النفس تُقتَسمُ الـ
ـنّعمى لنال نصيبا طيبا حسنا
لكنّ لله في التقسيم حكمته الـ
ـمقضاة والـ( غُيِّبَتْ) عن كلّ من فطنا
أغناهُ بالحبّ عن كلّ النعيم ولو
ما نال إلاّه في الدنيا لتاه غِنى
فباسمه ينتشي في لِيْنِ عيشته
وباسمه يرتضي في عوزه الخشنا
وباسمه يتغنّى في سعادته
وباسمه يتجنّى كلّما حزنا
والحزنُ ما أنقصتهُ الباسماتُ شقا
والسعدُ ما أنقصتهُ الكالحاتُ هَنَا
مالم يكن لحضورِ الروحِ بادرةٌ
تستشرفُ الغدَ أو ترثي الذي ظعنا
ومن تعملقَ فيه الحبُّ هذّبهُ
روحا وأتعبهُ - بالمشتهى - بدنا
لكنّهُ - وشعورُ الحبّ غايَتُهُ
وخوفُهُ أن تجفَّ الروحُ إن سُجنا-
يحتال للريح أن تجري به لدُنىً
فسيحةٍ شامُها لايعرفُ اليَمنا
فحيثُ يقفزُ فالغيماتُ موطئُه
يكحِّلُ النَّجمُ جفنيْ مقلتيهِ سَنا
وكلّما جاءه بيتٌ وراق له
غنّى على الشفقِ المسطور ثم بنى
هذا هو الكائن المخلوق من شغب الـ
أفكار, من صخبٍ ما غبّ ما اتّزنا
أتى كيانا خرافيا بفطرته
وسنةً صرفةً لا تشبهُ السُنَنَا
وبين دمعةِ روحٍ وابتسامتِها
يعيش لا يبتغي أرضا ولا سكنا
هذا ..نعمْ هوَ من يروي الوجود على
لسانه سرّ مايبدو وما كمنا
من الشعور أتاه الاسم معرفة
وظلّ يسأل - دهراً - : من أكون أنا؟

طالع العقدي
‏21/‏01/‏30هـ