قُلْتِ: هَاتِ الكَأْسَ خَمْرًا ، قُلْتُ: كَلا إِنَّ كَأْسَ الخَمْرِ مِنْ عَيْنَيِكِ أَحْلَى
إِسْقِنِيهَا بِافْتِرَارِ الثَّغْرِ هَمْسًا كُلَّمَا أَثْمَلَتِ القَلْبَ اسْتَهَلا
وَامْزِجِينَا فِي حُمَيَّا الشَّوْقِ إِنِّي لا أُبَالِي أَيُّنَا فِينَا اضْمَحَلا
وَاقْطِفِينَا مِنْ خَرِيفِ العُمْرِ زَهْرًا وَاغْرِسِينَا فِي رَبِيعِ الطُّهْرِ فُلا
وَامْسَحِي الأَحْزَانَ عَنْ عَيْنَيْكِ عِنْدِي سَوْفَ يَزْهُو السَّعْدُ فِي عَيْنَيْكِ كُحْلا
سَوْفَ أَرْوِي القَلْبَ مِنْ هَاتِي السَّوَاقِي نَبْعُهَا دَمْعٌ لِمَاضٍ قَدْ تَوَلَّى
وَأُنَاجِي الفَجْرَ فِي ثَغْرِ اللَيَالِي وَأُحِيْلُ القَفْرَ بُسْتَانًا وَظِلا
نَسْتَشِفُّ العِطْرَ مِنْ بَوْحِ الرَّوَابِي وَنُغَنِّي التَّوْقَ نَجْوَى لَيْسَ إِلا
لَسْتِ مِنِّي غَيْرَ طَيْفٍ بَاتَ رُوحًا وَحَبِيْبَاً فِي شَغَافِ القَلْبِ حَلا
وَخَدِينًا لأَمَانٍ قَدْ جَفَتْنِي وَضِيَاءً بَاتَ مِنْ عَيْنَيَّ أَغْلَى
وَمَلاذًا مِنْ سِنِيْنٍ أَرْهَقَتْنِي أَوْدَعَتْنِي كَفَّ حُزْنٍ لَيْسَ يَبْلَى
كَمْ سَقَتْنِي مِنْ ضَنَى الأَيَامِ كَأْسِي فَكَسَرْتُ الكَأْسَ لا أَرْضَاهُ ذُلا
وَابْتَلَتْنِي الغُرْبَةٌ الحَدْبَاءُ حَتَّى كَلَّ مَتْنِي فَرَفَعْتُ الرَّأْسَ أَعْلَى
جِئْتِ لِي غَيْثًا يُعِيدُ القَلْبَ خَصْبًا بِرَحِيقٍ مِنْ فُصُولٍ سَوْفَ تُتْلَى
إِذْ شَرِبْنَا مِنْ لَذِيذِ الوَصْلِ نَخْبًا وَامْتَطَيْنَا صَهْوَةَ الأَحْلامِ جَذْلَى
وَصَبَبْنَا الشَّوْقَ فِي رَحْمِ الأَمَانِي فَوَجَدْنَاهَا بِطَيْفِ السَّعْدِ حُبْلَى
لَيْتَ أَنِّي يَا حَبِيْبَ العُمْرِ طَيْرٌ كَي أَطِيْرَ اليَوْمَ حُرًّا مَسْتَقِلا
وَأَفِيْكَ العَهْدَ إِنَّ العَهْدَ عِنْدِي لا يَفِي بِالغَدْرِ مَنْ يَنْسَى وَيَقْلَى











