إلَى مَكَّةَ
ودَّعتُ طيْبةَ والقطافُ وثيرُ
نمْضِي لمَكَّة والقلوبُ تشدُّنَا
لثرى تعَطَّرَ والجّنّى الموْفورُ
وبذِي الحَليفةِ عُمْرةٌ فِي نِيَّةٍ
بمَلابسِ الإحْرامِ هنَّ دُثورُ
ثمَّ أقتدَيْنا بالنَّبيِّ تيَمُّنًا
لبَّيْكَ ربّ العرْشِ فيكَ نَسيرُ
والحافِلاتُ عَلى السَّبيلِ قَوافِلًا
تَطْوي المَسارَ وخصْمُنَا المدْحورُ
يا هِجْرةَ المختارِ عِبْرَ مَفاوزٍ
راحْتْ تُنارُ قِفارُهَا وتُنيرُ
مِن ها هُنا مرَّ الحبيبُ وصَحْبُهُ
مَرَّ الكِرامِ فشَعْشَعَ التنْويرُ
وتَوالت الآياتُ تحْمِي غارَهُ
جَعلتْ عقولَ الكافِرينَ تَمُورُ
بانَتْ لنا قِمَمُ المآذنِ جُمْلةً
مِنْ قلبِ مَكَّةَ يسْطَعُ المعْمُورُ
قدْ طافَ آدمُ قبْلنا تطْوافَهُ
حوْلَ المَكانِ يَحفُّهُ التدْبيرُ
بيْتٌ تجَلَّى للخَليقَةِ شامِخًا
مُذْ حلَّ إبراهيمُ فِيهِ يُدُورُ
ثمَّ ابتدأنَا بالطَّوافِ تأسِّيًا
سُنَنَ النبيِّ والاتِّبَاعُ جَدِيرُ
طفنا ببيتِ اللهِ يحْفزنَا الهُدَى
ويُحيطُ جمْعَ الطَّائفِينَ بَصيرُ
الكلُّ يلهَجُ بالدُّعاءِ وَهَمُّهُ
أنْ يُستجابَ وذنبُهُ المَغْفورُ
سبْعًا تؤدَّى واليقينُ دَليلُنَا
والإقتداءُ على الخُطا الموْفورُ
ثمَّ ابتدرْنَا للمَقامِ تيَمُّنًا
فيهِ المُصَلَّى والعطاءُ كثِيرُ
وأمامَ بيْتِ التائبينَ توافدَتْ
أهْلُ الخطايَا والرَّجاءُ كَبيرُ
إنا ضُيوفٌ عندَ بابكَ ربَّنا
أنتَ الكريمُ وعَفْوُكَ المَقدُورُ
رحْنا لِزمزمَ نرْتَوي مِنْ شهْدِهَا
ولماءِ زمزمَ طِبُّهُ المَشْهورُ
وإلى الصَّفا حَيْثُ اقتفيْنَا (هاجَرًا)
والسَّعيُ عندَ مُضيفنَا مَشكورُ
سبْعًا مِنَ الأشْواطِ أدَّى جَمْعُنا
وهتافُها التَّهْليلُ والتكْبيرُ
ربَّاهُ عِدْنَا أنْ نعودَ لمِثلِهَا
عُمْرات خيرٍ نَقتدِي ونَزورُ
واكتبْ لنا حِجًّا قريبًا غامِرًا
فالحجُّ في كنفِ الرِّضَى مَبْرورُ
واكتبْ لنا قبْلَ المماتِ زيارةً
والقدْسُ رهْنَ المُسلمينَ تصيرُ