يا قُدسُ بُشرَاكِ

يَـمَّمتُ شـَطرَ الـتي عِـشقِي لها ابتَدَأَ
مُـذْ نَـثَّ هُدهُـدُها عَنَّا لها نَـبَـأَ
ألـقَـى كـِتَابَاً، تُـضِيءُ الـكونَ أحـرُفُهُ
فـعانقَ الضوءَ مَنْ عَنْ شَمسِهِ صَبَــأَ
وافـَيـتُ مِــنْ سَـبَـإٍ شَـوقَاً لِـمَسجِدِها
مُـبَايِعَاً مَـنْ عـلى عَـرشِ الـهُدَى اتَّـكَأَ
وعُـدْتُ والـشمسُ في كَفِّي تُشِعُّ هُدَىً
ولـمْ يَـزَلْ فـي فؤادي العِشقُ ما انطَفَأَ
شـاخَ الـزمانُ، ومـا شـاخَ الـهوى بِدَمِي
ووابِــلُ الـشـوقِ مــا أروَى لَـنَـا ظَـمَـأَ
وعِـشـتُ أنـزِفُ حُـزنَاً كُـلَّمَا جُرِحَتْ
ومَــنْ يُـرَجَّى لِـتَضمِيدِ الـجِراحِ نَـأَى
حتى أتاها رَسُــولُ اللهِ مُـرتَـقِيَاً
لِسِدرَةِ القُربِ .. آيَاتٍ هُنَاكَ رَأَى
فعـادَ بالنورِ لـلأقصَى، وبَـشَّـرَهَـا
بِـعِـزِّ مَــنْ عـانَـقَ الإســلامَ والـتَـجَأَ
صَـلَّتْ سيوفي مَـعَ الـفاروقِ فـاتِحَةً
فـمـا اشـتَكَتْ مِلَّةٌ ظُـلمَاً ولا خَـطَأَ
عادوا .. فَهَبَّ (صلاحُ الدينِ) مُنتَصِرَاً
و(عـينُ جـالوتَ) صَدَّتْ شَرَّ ما طَرَأَ
والـيومَ يـا قِبلَتِي الأولَى ونَبضَ دَمِي
نَبـكِي الـعُرُوبَةَ أَمْ نَبكِي مَعَاً سَـبَأَ؟!
جُــرحُ الــعُـرُوبَـةِ دَامٍ لا تُضَـمِّـدُهُ
دُمُوعُ بَاكٍ لِجُرحٍ غائرٍ نَــكَأَ
أعـداؤنـا الـيـومَ مِـنْ أبـناءِ جِـلدَتِنَا
بـِئـسَ الـعَـدُوُّ خــؤونٌ بَيـنَنَا نَـشَـــأَ
بصائرُ القومِ في بَحرِ العَمَى انطفأتْ
والمُـستَبِدُّ بِـهِـمْ عَـينَ الـهُدَى فَـقَـأَ
جُـيُـوشُ حُكَّامِنَا مِنْ أجلِهِمْ نَشَأتْ
مِثلَ القَطِيعِ تَرُومُ المَاءَ والكَلَأَ
عاثَتْ بَنَادِقُهُمْ فينا، وكَمْ لَبِثَتْ
لِصَدِّ أعدَائنا مَـحـشُوَّةً صَــدَأَ!
حتى العُـرُوبَةُ في وَجهِ الغُثَاءِ غَدَتْ
تُغرِي بِنَا مَنْ طَغَى، واحتَلَّ، واجتَزَأَ
لـكـنَّها لمْ تَزَلْ حُبلَى، يُرَاقِبُهَا
عِلْجٌ بَنَى (سُورَ فَصلٍ) خَلفَهُ اختَبَأَ
يـا قُدسُ مَهمَا عَلا في الأرضِ غاصِبُهَا
سَيَغسِلُ النَّصرُ يوماً رِجسَ مَنْ وَطَأَ
لَـمْ يَـنقَطِعْ نَـفَسُ الـرحمنِ عن مَدَدٍ
ولا خَــبَـا فـي فــؤادٍ ثــائــرٍ حَـمَـأَ
يا قُدسُ صَبرَاً؛ فَمَوجُ البَحرِ مُضطَرِبٌ
وتَحتَ أمواجِهِ البُركَانُ ما هَدَأَ
بُشرَاكِ: إنَّ الشعوبَ اليومَ ثَائرَةٌ
وكُــلُّ حُــرٍّ بـَمَـنْ خَــانَ الـثَّرَى بَـدَأَ
مــا واجَــهَ الـشعبَ مُـحتَلٌّ وطـاغيةٌ
بـالـنـارِ إلا عــلـى أعـقـابِـهِ انـكَـفَـأَ
حتماً سَيُشرِقُ فَجرٌ مِنْ تَوَحُّدِنَا
بِوَعيِ جِيلُ بِحُبٍّ قَلبُهُ امتَلَأَ
ما أسعَدَ الرُّوحَ إنْ باتَتْ مُسَبِّحَةً
شُكرَاً، وأسعَدَ مَنْ صَلَّى ومَنْ قَرَأَ

ياسين عبدالعزيز
يناير 2018م