ناحتْ شجوني..


ناحتْ شجوني فعمقُ القلب مضطربُ
في نوحِها عَتَبٌ لا خيرَ يُرتَقَبُ


ناحت شجوني وما للروحِ من مرحٍ
إلا دبيبَ لظىً في الصدرِ يَلْتهبُ


ناحت وباحتْ وما ناحتْ على وجَعي
ناحت هواها وما أفضَتْ بما يَجِبُ


لَمْ يُتْعِبِ القلبَ إلا أنتَ يا فرحي
جعلتَني بمدادِ القهرِ أنكتِبُ


قَدِ انْفَلَجْتَ وجئتَ الفكرَ تُسهدُه
أضحيتَه مثل جمرٍ هجَّه الحَطبُ


قدْ كنتَ زخّاً منَ الإحساسِ في خَفَرٍ
وفي المدى لارتِسامِ الصمتِ تَنجَذِبُ


فقد يضيرُك دمعٌ صبَّ عن وَهَجٍ
وقد يقضُّكَ ضَيْمٌ شاكَهُ العَطَبُ


فيا لقلبٍ تردَّى في المدى دَمُهُ
قد رُمِّدَتْ عينُهُ مِنْ رملِ مَنْ ثَرَبوا


يا روحُ مهدَ شموخي.. أَسدِلي ألَقي
لا بدَّ أن يستديرَ الهمُّ والكَرَبُ


لا تغضبي إنْ شقوقَ النَّبْعِ قد نَضَبَتْ
نَواكِ خِصْبٌ وصَبَّت عنده السُّحُبُ


فقد يروك كسعْفِ النخلِ شائكةً
لكن ظِلالَك حضنٌ إِنْ هُمُ اقتربوا


تَدَفَّقَ اليُمْنُ مِنْ جرحي ومن فرحي
ومن نخيلي تدلَّى التمرُ والرُّطَبُ


إني يدٌ لا يجوب البخلُ مرفقَها
ولا قصورَ بها، يجتاح أو يثِبُ


فلا أبالي لِمَن ولُّوا وما سألوا
فأصْلُ مسعاي لَمْ تَعْلَقْ به الرِّيَبُ


فهل إلى فكِّ عجزِ الخلقِ منْ حَرَجٍ
به أُدانُ بلا حكمٍ وأُحتَسَبُ


لا، ثمَّ لا.. ألفُ لا للحزنِ، لا وجعٌ
لِفَكِّ ضيقٍ ولا ذلٌّ ولا تُرَبُ


سَلوا الشدائدَ.. نبضُ القلبِ يذْكُرُها
تخبو وربِّي، بأمرِ الله تنسحِبُ


سلوا السنينَ سلوا روحي وما عشقَتْ
من نصرةٍ ليس لي في دربِها إرَبُ


ما ذَلَّ سعيٌ نفوساً وهْي راكضةٌ
من أجلِ مَن صمتوا في الهمِّ فاغتربوا


أو ضرَّ مَن لا يجوب الصَّلدُ خافقَه
أو عابَ مَنْ في الأسى ارتَجُّوا وما طلَبوا


جادَ الأحبَّةُ.. مَن يُخفي مكارمَهمْ
قومٌ وجادوا، إذا ناديتَهُم وهَبوا


أعمالُهم في ربوعِ الخيرِ وارِفةٌ
وعينُهم لِمُعينِ الخلقِ ترتَقِبُ


قلبي يُبايعُهم.. كلُّ الدعاءِ لهُمْ
أجرٌ وصَفْوٌ وإسعادٌ بما كسَبوا


مقاصِدٌ كلما صادفتُها جمَحَتْ
جموحَ حسٍّ وطبعُ الضَّخِّ فيهِ أبُ


لبِسْتُ من شيمةِ الأخيارِ بردعةً
بها أزيحُ همومَ الخلقِ وأُنْتَدَبُ


فإِنْ عليَّ قسا حكْمُ الورى وسرى
فالله يعلمُ مَن في الخير ينتشبُ


فمِن غرائبِ ما صادفتُ في فرحي
أني أصيحُ لِمَنْ فازوا وإنْ عَجبوا


الطهرُ قد سَحَّ من روحي ومن رئتي
إني لأجلِ الورى أرنو وأنسَكِبُ


طبعُ العطا بدمي تسري نَسائمُهُ
وسَكبُهُ لسُلافِ الدَّفْقِ ينتسِبُ


فليس لي غيرُ خَطْوي ما ألوذُ به
في وقعِه نَغَمٌ.. في عزفِه طَرَبُ


أحبُّ أعشَقُ أهوى أنتشي نَسَمي
ومِن رذاذِ نُضوجي ينمحي الغضَبُ


هذي انثيالاتُ قلبي بالسنا نُظِمَتْ
تكادُ من نورِها الأقمارُ تَحْتَجِبُ


#صباح_تفالي