مِفْتَاحُ الْحَيَاةِ
هَا قَدْ أَتَيْتَ مُكَلَّلاً بِوِثَاقِنَا
رَغْمَ ارْتِجَافِ الوَرْدِ فِي أَوْرَاقِنَا
نَوْمُ الرَّبِيِعِ عَلَى سَرَائِرِ غَيْمَةٍ
لا بُدَّ أَنْ يُنْدِي خَرِيِفَ فِرَاقِنَا
مِنْ ِقَطْرَةٍ فِي قَطْرَةٍ ظَمْآنَةٍ
تَحْيَا جَدَاوِلُ رَوْضَةٍ بِمَذَاقِنَا
أَكْرِمْ بِرَيَّانِ الْهَطُولِ لِنَجْتَنِي
ثَمَرَ الرَّحِيِقِ مُسَيَّحاً بِعِنَاقِنَا
وَانْعِشْ بِغَيْمَةِ جَنَّتِي مَطَرَ الرِّوى
كَيْ مَا نبَلِّل قُبْلَةَ اسْتِحْقَاقِنَا
الْوَرْدُ لا يُهْدِي الْهَتُونَ بِمَوْتِهِ
وَعُصَارَةُ الأَغْصَانِ فِي تِرْيَاقِنَا
فَالْمَوتُ مَاتَ بِعَالَمِي يَا سَيِّدِي
بَعْدَ انْتِعَاشِ الرُّوحِ فِي أَشْوَاقِنَا
لَمَّا فَتَحْتُ لِخَافِقِي قَبْرَ الدُّجَى
أَغْلَقْتُ شَمْسَ النَّبْضِ خَلْفَ مُحَاقِنَا
لَكِنَّ مِفْتَاحَ الْحَيَاةِ مُذَهَّبٌ
بِأَشِعَّةِ الأَحْلاَمِ فِي إِشْرَاقِنَا
وَأَتَيْتَ يَحْمِلُكَ الشُّعَاعُ لِغُرْفَتِي
لِنَشِفَّ نُورَ الطَّيْفِ فِي أَحْدَاقِنَا
وَبِمَركَبِ اللَّأْلاءِ أَبْحَرْنَا الرُّؤَى
مَلاَّحُنَا الْحِرْمَانُ فِي أَعْمَاقِنَا
فَاغْرِفْ مِنَ الأَحْزَانِ مِلْءَ شِبَاكِنَا
وَارْمِ الْجَوَاهِرَ فِي عُيُونِ بُرَاقِنَا
اللهُ أَكْبَرُ..هَل رَأَيْتَ مَجَرَّةً
كَمَجَرَّةِ الطُّوفَانِ فِي أَرْوَاقِنَا ؟!!
نَجْمَيْنِ طُفْنَا يَا سَلِيِلَ مُلاءَتِي
فَاقْشَعْ سَمَاءَ الأَشْهَبَيْنِ بِطَاقِنَا
وَانْثُرْ بِأَهْدَابِ الثُّرَيَّا رِعْشَةً
لِتُهَيِّجَ النَّجْمَاتِ فِي رَقْرَاقِنَا
وَامْسَحْ ظِلاَلَ الأَزْهَرَيْنِ بِدَمْعَةٍ
تَحْبُو بِهَا الأَوْقَاتُ فِي إِغْدَاقِنَا
إِنْ طَافَتِ الأَيَّامُ دُونَ مَلاَمِحٍ
فَمَلاَحِمُ التَّارِيِخِ طَيَّ طِبَاقِنَا
أَرْجُوكَ يَا مَنْ قَدْ فَتَحْتَ رِوَايَتِي
أَن تَقْرَأَ الْعِنْوَانَ قَبْلَ نَفَاقِنَا
أَرْجُوكَ يَا مَنْ قَدْ أَفَقْتَ صَبَابَتِي
أَنْ تَخْمِدَ الأَشْوَاقَ بِاسْتِنْطَاقِنَا
النَّاطِقُونَ أَنَا وَأَنْتَ فَأَيْنَنَا ؟
لِنُبَشِّرَ الْقِرْطَاسَ بِاسْتِطْرَاقِنَا
وَلْتَرْحَلِ الزَّفَرَاتُ مِنْ شَهْقَاتِنَا
إِمَّا ارْتَشَفْنَا الشَّهْدَ بِاسْتِنْشَاقِنَا
هُوَ ذَا الدَّلِيِلُ لِبُلْبُلَيْنَا فِي الْهَوَى
لَحْنٌ يُرَفْرِفُ فَوْقَ غُصْنِ رُقَاقِنَا
غَرِّدْ لِيَنْتَفِشَ الْقَرِيِضُ بِرَوْضِنَا
وَيَمُدَّ طَاوُوُسَ الْحُرُوفِ بِسَاقِنَا
غَرِّدْ لِتَرْكَعَ فِي الْجَنَائِنِ وَرْدَتِي
لَمَّا تُصَلِّي فِي رُبُوعِ نِيَاقِنَا
غَرِّدْ لِيُبْحِرَ فِي الْمَدَى رَجْعُ الصَّدَى
وَيَعُودَ غَوْصاً فِي خِبَابِ سِبَاقِنَا
لَوْ كَانَ مِحْرَابُ الشُّعُورِ مُطَوَّقاً
مَا اسْتَنْفَرَ الإِيِمَانُ فِي آفَاقِنَا
الْعَهْدُ مَخْتُومٌ بِشَمْعٍ أَحْمَرٍ
وَالْمِشْرَطُ الْفَتَّاحُ عِرْقُ سِيَاقِنَا
فَهُنَاكَ تَخْلِيِدُ الْمَشَاعِرِ يَرْتَقِي
وَيَدُومُ رَغْداً فِي حِمَى عِمْلاقِنَا
لَمَّا يُدَغْدِغ جِنْحَ رْوحَيْنَا الْوَفَا
سَنَعِيِشُ بَعْدَ الْمَوتِ مِلْءَ وِفَاقِنَا
لِنُشَرِّعَ الْبَابَ الْمُرَتَّجَ بِالدُّنَى
وَيَظَلَّ مِفْتَاحُ الْحَيَاةِ بِنَاقِنَا
غيداء الأيوبي