عِفْرِيتَةٌ والْجِنُّ مِنْها يَهْرَبُ

وَمِزاجُها في لَحْظَةٍ يَتَقَلَّبُ

مَنْكُوشَةٌ وَكَأَنَّها قَدْ شَدَّها
تَيَّارُ ضَغْطٍ كَهْرَبِيٍّ مُوجَبُ

في بَيْتِها يَحْلُو لَها الثَّوْبُ الَّذِي
لَبِسَتْهُ جَدَّتُها الكَبِيرَةُ زَيْنَبُ

لَحَسِبْتَها في الثَّوْبِ هَٰذا أنَّها
كانَتْ تُنَظِّفُ لِلْحَمِيرِ وتَحْلِبُ

أَوْ أنَّها بَلْهاء تَنْسى سِنَّها
وتَرُوح تَلْهُو بالتُّرابِ وتَلْعَبُ

يَأْتِي المَسَاءُ وَوَيْل مَنْ عَزَفَتْ لَهُ
بَعْضَ الْعِوَاءِ إِذَا بَدَتْ تَتَثَاءَبُ

أَوْ مَنْ يَنَامُ عَلى السَّرِيرِ بِجَنْبِها
ويَبِيتُ قُرْبَ شَخِيرِهَا يَتَعَذَّبُ

حَتَّى إذا طَلَعَ الصَّباحُ وَجَدْتَها
غَيْرَ الَّتِي كانتْ تُخِيفُ وَتُرْعِبُ

قَامَتْ تُهَرْوِلُ لِلْخَزَانَةِ تَنْتَقِي
مِنْ أَلْفِ ثَوْبٍ مَا يُثِيرُ وَيُعْجِبُ

وَجَرَتْ هُنَالِكَ تَسْتَحِمُّ فَأَصْبَحَتْ
وَكَأَنَّها الشَّمْسُ الَّتِي لا تَغْرُبُ

وَأَمَامَ مِرْآةِ النِّفَاقِ تَعَطَّرَتْ
وَتَزَيَّنَتْ كَعَرُوسِ بَيْتٍ تُخْطَبُ

خَرَجَتْ وقَدْ لَبِسَتْ حِذَاءً نَاطِقًا
يَدْعُو إِلَيْها مَنْ يَشَاءُ وَيَرْغَبُ

عَجَبًا لَها إِنْ أَقْبَلَتْ أَوْ أَدْبَرَتْ
والثَّوْبُ يَشْرَحُ مَا كَسَاهُ وَيُعْرِبُ

وَيَشِفُّ عَنْ لَحْمٍ حَرَامٍ سَائِغٍ
لِلْجَائِعِينَ وَكُلّ لِصٍّ يَنْهَبُ

خَرَجَتْ إلى الشُّغْلِ الْمُهِينِ لِذَاتِها
والْمَالُ أَغْرَاهَا وَهذا الْمَنْصِبُ

مِنْ أَجْلِهِمْ خَرَقَتْ سَفِينَةُ بَيْتِها
غَرِقُوا وأَغْرَقَهَا هُناكَ الْمَرْكِبُ

خَرَجَتْ إلى الأَسْواقِ تَعْرِضُ نَفْسَها
وتَقُولُ هَاكُمْ يا رِجَالُ فَجَرِّبُوا

خَرَجَتْ تُزاحِمُ في الرِّجَالِ وتَدَّعِي
أنَّ الْخُرُوجَ إلى الشَّوَارِعِ مَطْلَبُ

وبِأَنَّ حَوَّاءَ الَّتِي قَدْ غُيِّبَتْ
مِنْ قَبْلُ كانَتْ تُسْتَرَقُّ وتُرْهَبُ

نَعِقَتْ لِتَخْرُجَ لِلشَّوَارِعِ تُشْتَهَى
وَيَنَالها في غَيْرِ حِلٍّ ثَعْلَبُ

لَكِنَّها لَمْ تَرْتَكِبْ جُرْمًا إِذَا
مَاتَ الرِّجَالُ فَضَاعَ هَذا الْكَوْكَبُ