خِيَانَةُ الصَّمْت!
شعر: عيسى جرابا
7\1\1430هـ

أَعْلَنَ الشِّعْرُ جَهْرَةً عِصْيَانَهْ
وَرَأَى أَنَّ فِي السُّكُوْتِ بَيَانَهْ

كُلَّمَا رُمْتُهُ أَشَاحَ حَزِيْناً
وَتَوَارَى مُكَسِّراً أَوْزَانَهْ

مُنْذُ سِتِّيْنَ وَهْوَ يَذْرِفُ... حَتَّى
قَرَّحَتْ أَدْمُعُ الأَسَى أَجْفَانَهْ

صَاحَ وَاسْتَصْرَخَ الضَّمِيْرَ وَأَلْقَى
خُطَبَ العَزْمِ لابِساً أَكْفانَهْ

مُنْذُ سِتِّيْنَ وَالدَّمُ الـحُرُّ يَجْرِي
وَهْوَ يُجْرِي بِلا صَدَىً أَلْحَانَهْ

ظَنَّهَا تُشْعِلُ الـحَمِيَّةَ... لَكِنْ
أَشْعَلَتْ فَِي ضُلُوْعِهِ أَحْزَانَهْ

صَاغَ وِجْدَانَهُ الـمُضَرَّجَ بِالغَيْـ
ـرَةِ نَاياً فَصَادَرُوا وِجْدَانَهْ

عِنْدَهَا لَمْ يَجِدْ سِوَى صَمْتِهِ الـمُـ
ـرِّ فَوَلاَّهُ فِكْرَهُ وَلِسَانَهْ

لاذَ بِالصَّمْتِ هَلْ تُرَى خَانَ؟ كَلاَّ
صَمْتُ مَنْ يَمْلِكُ القَرَارَ خِيَانَةْ!

إِيْهِ يَا غَزَّةَ الصُّمُوْدِ هَنِيْئاً
خَسِرَ البَغْيُ فِي ثَرَاكِ رِهَانَهْ

إِنِّهَا قُوَّةُ الإِرَادَةِ رَوَّاهَـ
ـا مَعِيْنُ الـهُدَى فَهَزَّتْ كِيَانَهْ

كَبِّرِي كَبِّرِي وَمُدِّي بِهَا الصَّـ
ـوْتَ فَكَمْ زَلْزَلَ الصَّدَى أَرْكَانَهْ!

وَاسْتَحِثِّي قَوَافِلَ الصَّبْرِ وَارْمِي
بِاسْمِ مَنْ رَتَّلَ الوَرَى قُرْآنَهْ

لا يُخِيْفَنَّكِ الرَّدَى حِيْنَمَا فَجَّـ
ـرَ فِي مُقْلَةِ الـمَدَى بُرْكَانَهْ

فَمِنَ الـمَوْتِ لِلحَيَاةِ حَيَاةٌ
تَمْنَحُ الـحَقَّ عِزَّةً وَمَكَانَةْ

إِيْهِ يَا غَزَّةَ الرِّبَاطِ إِلَيْكِ الـ
ـقَلْبُ وَافَى فَجَدِّدِي إِيْمَانَهْ

لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ فَكَمْ مِنْ قُلُوْبٍ
هَزَّهَا الشَّوْقُ فَاسْتَقَلَّتْ حِصَانَهْ!

أَقْبَلَتْ تَطْلُبُ الشَّهَادَةَ عَافَتْ
عَيْشَ مَنْ بَاتَ يَسْتَلِذُّ هَوَانَهْ

مَنْ يَرَى فِيْكِ مَا يَرَى ثُمَّ يُغْضِي
لَهْوَ مَيْتٌ لَمْ يَدْفِنُوا جُثْمَانَهْ

إِيْهِ يَا غَزَّةَ الـهُوِيَّةِ عُذْراً
خَانَكِ اليَوْمَ مَنْ أَضَاعَ الأَمَانَةْ!

أَوَ نَبْكِي عَلَيْكِ أَمْ أَنْتِ مَنْ يَبْـ
ـكِي عَلَيْنَا؟ جِرَاحُنَا هَتَّانَةْ

عَرَبٌ نَحْنُ مُسْلِمُوْنَ وَلَكِـ
ـنَّا سُكَارَى كَأَنَّنَا فِي حَانَةْ

مُنْذُ سِتِّيْنَ وَالـخُطُوْبُ جِسَامٌ
تُفْقِدُ العَاقِلَ الرَّشِيْدَ اتِّزَانَهْ

غَيْرَ أَنَّا نَلُمُّهَا ثُمَّ نَغْفُو
ثُمَّ نَصْحُو نَلُوْكُ (دَانَةْ وَدَانَةْ)

هَكَذَا وَالعَدُوُّ يَرْنُو فَكَمْ زَا
دَ وَزِدْنَا تَغَطْرُساً وَاسْتِكَانَةْ!

أَضْرَمَ الأَرْضَ وَالسَّمَاءَ وَرَدُّ الـ
ـفِعْلِ شَجْبٌ بِشِدَّةٍ وَإِدَانَةْ

بِرَخِيْصِ الكَلامِ نَلْقَى عَدُوًّا
يَشْحَذُ الـحِقْدُ سِنَّهُ وَسِنَانَهْ

خَلْفَ أَوْهَامِنَا رَكَضْنَا وَلِلسِّلْـ
ـمِ شِعَارٌ دَمُ العُرُوْبَةِ زَانَهْ

إِنْ يَطُلْ لَيْلُ صَمْتِنَا فَيَدُ الظُّلْـ
ـمِ سَتَمْتَدُّ... مَا لَنَا مِنْ حَصَانَةْ

إِنَّهَا دَوْرَةُ الزَّمَانِ قَرَأْنَا
وَرَأَيْنَا... فَحَاذِرُوا دَوَرَانَهْ

إِيْهِ يَا غَزَّةَ الإِبَاءِ سَأَطْوِي
حَرْفَ شِعْرِي فَلَيْسَ لِلشِّعْرِ خَانَةْ

قَدْ بَلَوْنَاهُ مُنْذُ سِتِّيْنَ عَاماً
وَهْوَ يُوْرِي بِهِمَّةٍ نِيْرَانَهْ

إِنَّمَا مَا اسْتَطَاعَ تَحْرِيْرَ أَرْضٍ
كَيْفَ... مَنْ كَانَ طِرْسُهُ مَيْدَانَهْ؟!

مَنْ يُرِدْ عِزَّةً يَنَلْهَا وَلَوْ مَيْـ
ـتاً وَمَنْ هَانَ لَمْ تُضِرْهُ الـمَهَانَةْ