الطائر الشريد2

الربيع الخالد


و هاضَ الجناحُ وكلَّ الشَّريد
وحَطَّ على الراحتين وَ قَرْ
فرُحتُ أكفكفُ خوفَ الرحيلِ
على جانحٍ نالَ منهُ السَّفَرْ
لماذا ارتعاشُ الجناحِ المهيضِ ؟
وفيمَ الذُّهولُ وفيمَ العَبَرْ
امِنْ غَضْبَةِ الهاطلاتِ الوجيفُ !
ومِنْ ظلمةِ الداجياتِ البَسَرْ!
تعالَ ففي موسمِ الماطراتِ
دبيبُ الحياةِ ومعنى الظَّفَرْ
وعشقُ السماءِ لقاءَ الحقولِ
وعشقُ الترابِ لرِيِّ القَطَرْ
وخلفَ عبوسِ الشتاءِ الغيوثُ
وفي عُسْرَةِ القاطباتِ اليَسَرْ
وتزدانُ في الداجياتِ النجومُ
و يَمْخُضُ خلفَ المُحاقِ القَمَرْ
وخلفَ الغيومِ السِّقاءُ النَّمِيْرُ
إذا لاقحتْهُ الرياحُ انهَمَرْ
فَيُورِيْ الحياةُ برحمِ الثَّرى
وتَنْبُضُ في غافياتِ المَدَرْ
تعالَ فعِنْدَ اجتراحِ الهمومِ
انتشاءُ الحياةِ ونيلُ الوَطَرْ
وسِيَّانَ في العيشِ ثوبٌ رغيدٌ
وثوبٌ زهيدٌ و سِمْلٌ سَتَرْ
تَعالَ إلى حارساتِ الحقولِ
ففي حِكمةِ القُبُراتِ العِبَرْ
وفي رأسها تاجُ مُلكِ الحقولِ
وفيها الأناةُ وفيها النَّظَرْ
تُغنِّي فَتَأْتَلِقُ الزاهراتُ
ويُلقي إليها السَّماعَ البَشَرْ
وتُبحِرُ في غاضباتِ الرِّياحِ
ويَعْلوُ الجناحُ ... ويَعْيَى البَّصَرْ
أقامتْ وهاجَرَ سِربُ الطيورِ
فدامَ الربيعُ وطابَ المَقَرْ
تعالَ نغني فيَصْحُو الربيعُ
وتغشى البراعِمُ مَيْتَ الشَّجَرْ
ويختالُ في الحقلِ نبضُ الحياةِ
ويَكْسُو عَرَايا الغُصُونِ الزَّهَرْ
وتجري الجداولُ بينَ الضفافِ
يَغُذُّ خُطاها اعتناقُ السَّفَرْ
فَمِنْ شُربَةٍ في عِطاشِ الجُذُوْرِ
فَتَغْدُوْ رَواءً بطيبِ الثّمَرْ
ومما تسامى بِحَرِّ الهجيرِ
إلى ديمةٍ أُثْقِلَتْ بالمَطَرْ
فتهمي وتروي العِطاشَ الصُّيوبُ
ويُشْرِقُ وجهُ الحياةِ النَّضِرْ
تعالَ ففي البَذلِ معنى الحياةِ
وفيهِ افتراعُ معانٍ أُخَرْ
خُلِقْتَ ابتداءً ..وهِمْتَ ابتلاءً
و أُبْتَ انكفاءً ..فأينَ المَفَرْ؟
وأنَّى تُوَلِّيْ فَثَمَّ الإلهُ
وأنَّى سَتَمْضِيْ فَثَمَّ القَدَرْ
فَرَدِّدْ على وَقْعِ نَبْضِ الحياةِ
فما اللَّحْنُ غَيْرَ انتشاءِ الوَتَرْ!