تقولُ التي صَيّرتْـني أنـيـسـا ً


وكـنتُ الـعَـنـيـدَ ..


الـغَـضـوبَ ..


الـعَـصِـيّـا :



*



أما مِـنْ إيـاب ٍ


إلى حيث ُ كان النخـيـل ُ


مـآذِنَـك َ الـبـاسِـقـات ..


وكان الـحَـمـامُ " بِـلالا ً " ..


وكان الـهَـديـل ُ الأذان َ الـشـجـيّـا ؟



*



وأنتَ عـلـى السّـطـح ِ : طـفـل ٌ


يُـغـازِلُ عـنـد َ المـسـاء ِ الـنجـوم َ


ويـغـفـو يُـغـطِّـيـه ِ ضوءُ الـثُـرَيّـا ؟



*



لـقـد عـدتُ لـو كان سَـعْـفُ النخيل ِ


كـمـا الأمس ِ ..


لـو أنَّ لـيْ سـطـحَ دار ٍ ..


وأنَّ الـحَـمـامَ يُـجـيـدُ الـهـديـل َ ..


ولـكـنَّـه ُ الـقـحْـط ُ :


لا الخـبْـزُ في الـصَّـحْـن ..


لا الـتَّـمْـرُ في الـعِـذقِ ..


والمـاءُ في الـنهـر ِ لمَـا يَـعُـدْ


يـمـلأ الكـأسَ رِيّـا



*



أبي عاشَ سـبـعـينَ عـامـا ً ونـيـفـا ً


عـلى الـخـبـز ِ والـتـمـرِ


مـا زارَ يـومـا ً طـبـيـبـا ً ..


وأمـي ـ إذا جـعْـتُ ـ تـشـوي لـيَ الـمـاءَ


أو تـنـسـجُ الـصـوفَ ثـوبـا ً


فيغدو حـريـرا ً بَهـيّـا !



*



لـمـاذا إذن ْ


أصبـحَ الـماءُ في عـصـرِنـا ظـامِـئـا ً


والـرَّغـيـفُ كـمـا الـتِّـبْـنِ


والـعِـشـقُ في يـومِـنـا تُـهْـمـة ً


والـمـواويـلُ غَـيّـا ؟



*


أتـدعـيـنـني بـعـدمـا شـاصَ تـمْـري ؟


لـمـاذا تـأخَّـرْت ِ دهـرا ً عَـلـيّـا ؟



*



وكـنـتُ الـمُـقِـيـمَ


عـلى بُـعـدِ نـهـديـكِ من ثـوبِـكِ الـمُـسْـتَفَـزِّ ..


عـلى بُـعـدِ كـفِّـك ِ


مِـنْ شـذرة ِ الـخـاتَـم ِ الـسـومَـريِّ ..


لمـاذا اخـتـبـأت ِ


لأهـرقَ في شـاطـئـيْـك ِ بـقـايـا وقـاري ؟



*


وأطـفـئ َ نـاري ؟



*



جميعُ الـغـزالاتِ مـرّتْ عـلى واحـتي ..


والـظِـبـاء ِ ..


الـفـراشـات ِ ..


إلآكِ أنت ِ !


تـأخَّـرْت ِ أكـثـرَ مِمـا يُـطـيـقُ اصْـطِـبـاري !



*



لـمـاذا أتَـيْـتِ


أوان َ احْـتِضـاري ؟



*



وبِدءَ احْـتِـفـاء ِ الـدُّجـى


بـانطِـفـاء نـهـاري ؟



*


وقـد كـنـتِ من مُـقـلـتـيْ


قـابَ جـفـنيْ ..


ومن مـوقـدي


قـابَ جـمـري


ونـاري !!



*




لـمـاذا أتـيْـتِ أوان َ الـخريـف ِ


وكنت ِ عـلى بُـعْـدِ ضِـلـعَـيـن ِ


مـنْ أصـغـرَيّـا ؟



*



لـماذا تـأخَّـرت ِ دهـرا ً عَـلَـيّـا ؟



*



فشـرّقْـتُ .. غَـرَّبْـتُ ..


غـرّبْـتُ .. شـرَّقـتُ :


طِفـلا ً عَـجـوزا ً


وكـهْـلا ً صَـبـيّـا !!



*



توهّمتُ أنَّ الـتـغـرُّبَ


يُـنـسي الفتى السـومريَّ هـمـوم َ المشـاحيفِ


يُـدني نـزيـلَ الـمـفـازات ِ من


سـدرة ِ المُـنـتـهـى والـثـريّـا ..


*




وها مـرَّ جـيـلان ِ..


جـيـلان ِ مَـرّا عـلى نـخـلـة ٍ غـادرتْ طـيـنـهـا !


تـمـرُهـا شـاصَ ..


والـسَّـعْـفُ لـمّـا يَـعُـدْ يـنـسـجُ الفيءَ غـضّـا ً نـديّـا ..



*



جميعُ المـواعيـد ِ فـاتتْ


ومَـرَّ قـطـارُ الـقـرنـفـل ِ والـيـاسـمـيـن ..


الـعـصـافـيـرُ عـادتْ إلى دفءِ أعشـاشِـهـا


وأنـا واقـفٌ ..


غَصَّـة ٌ في فـمي


والـلـظى في يَـدَيّـا ..



*



توهّـمْـتُ أنَّ الـطريـق َ إلى الأقـحـوان ِ


الـمـنـافي ..


فـنـفَّـضْـتُ طـيـنَ الـفـراتـيـن ِ


مِـنْ راحَـتـيّـا !



*



ودَرَّبْـتُ عـصـيـان َ هـدبـي


عـلى مُـقـلـتـيّـا !



*


غـريـبـا ً ذلـيـلا ً..


فـحـيـنـا ً أفـتِّـشُ عـنْ دجـلـتيَّ


وحـيـنـا ً لأهـربَ مـنْ دجـلـتـيّـا !



*



فلا كـنـتُ مَـيْـتـا ً


ولا كـنتُ حَـيّـا !



*



ولا كـنـتُ في مـوكـبـي بـابـلـيّـا ً


ولا كـنـتُ في زورقـي سَـومَـريّـا !!



*



لـماذا تـأخَّـرت ِ دهـرا ً علـيّـا ؟



*



وكنت ِ على بُـعـدِ " حاءٍ " من " الباءِ "


نـامـا عـلى تـخـت ِ سـطـر ٍ سَـوِيّـا !!



*



لـمـاذا تـركـتُ الـسـمـاوة َ خـلـفـي


ويَـمَّـمْـتُ نـحـوَ المـقـاديـر ِ خـطـوي


فـكـنتُ الـشـقِـيّـا ؟



*



أمـا كان لـيْ


أنْ أُخـبِّـئـنـي لـيـلـة ً في " الـصـريـفـة ِ " .. *


أو لـيـلـتـيـن ِ بـسـرداب ِ قـبـر ٍ


وعـامـا ً بـبَـرِيَّـة ٍ


نصـفَ عِـقـد ٍ بـ " هـور الـجـبـايـش ِ " **


عِـقـدا ً مـع الـلـوز ِ والـجـوز ِ في غـابـة ٍ في الشـمـال ِ


وعـامـا ً بـكـهـف ٍ أُلـمْـلِـمُ بـعـضـي إلـيّـا ؟



*



أبي عـاش سـبـعـيـنَ عـامـا ً ونـيـفـا ً


عـلى الـخـبـز والـتـمـر ِ


ما قـالَ أفّ ٍ ...


ولا صـاحَ بـالـخـوف ِ تـبّـا ً ..


ولم يـتَّـخـذْ غـيـرَ نـخـل ِ السـمـاوة ِ


خِـلّا ً وفِـيّـا !!



*



لـمـاذا هـرقـتُ شـبابـي


شـريـدا ً ..


غـريـبـا ً ..


ذلـيـلا ً ..


شـقـيّـا ؟



*



لمـاذا تـأخَّـرْت ِ دهـرا ً عَـلـيّـا ؟



*



وقـد كنـتُ مـنـك ِ


الـقـريـبَ الـقـصِـيّـا ؟



*



بـلى


كـان يُـمـكـنُ لـيْ


أن أعـيـشَ طـويـلا ..



*



وأن ْ أهـزم َ


الـمـارِدَ الـمـسْـتحيـلا



*



فـأعْـقِـد بـيـن الـثـرى


والـثـريّـا



*



قِـران َ الـتـراب ِ عـلـى الـنـجـم ِ


لـكـن ْ :


تـأخـرت ِ دهـرا ً


فـجـاز شِـراعُ الـمُـنـى شـاطِـئـيّـا



*



أقـيـمـي عَـزاءَ الـهـوى ..


إنـنـي :


مُـتُّ حَـيّـا !!



*



فلا يُـغـويَـنَّـك ِ ظِـلّـي ..


ولا يُـغـريَـنّـك ِ


نـبـضُ الـمُـحَـيّـا !!



*



لـمـاذا تـأخَّـرت ِ دهـرا ً


عَـلـيّـا ؟



***



( أعتذر لوضعي نجيمات بين المقاطع ، وذلك لفشلي في وضع فراغات بين المقاطع حين أدخلت القصيدة ـ ربما بسبب قلة خبرتي في التعامل مع الحاسوب )



* الصريفة : بيت من الطين وجذوع الاشجار يستخدمه أهالي قرى وأرياف الوسط والجنوب العراقي للماشية وما شابه ذلك.



** هور الجبايش : أحد أكبر أهوار العراق ، وأكثرها كثافة بغابات قصب البردي التي تصل مساحاتها الاف الكيلومترات المربعة .. كان الهاربون من أنظمة الحكم يتخذونه ملاذا آمنا لاستحالة وصول قوات السلطة إليهم .