بسم الله الرحمن الرحيم :
أحبابي الكرام :
ودعت أرض لبنان ومعها العالم الإسلامي علما من أعلام الأمة وداعية من دعاتها الأفذاذ ، الداعية العلامة فتحي يكن ، الذي أثرى الحركة الإسلامية ، والذي كان من أبرز قادتها ، بأفكاره وتوجيهاته ، كما أثرى المكتبة الإسلامية بكتبه القيمة .
لقد رحل فقيد الأمة إلى جوار ربه ، تاركا أرثا عظيما من الكتب والتوجيهات ، أسأل الله تعالى أن يجعلها في ميزان حسناته ، وأن ينفع بها المسلمين .
لقد رحل الفقيد عن دنيانا لكنه باق في قلوب الملايين الذين يحبونه ، ويقرؤون ما تركه من علم ينتفع به ، فقد كان بحق قمرا يسطع في سماء الفكر والدعوة ، إلا أنه :

قمرٌ لا يغيبُ " لبنانُ نجمُكَ ولَّى بَعْـدَ ذِي يَكــَنِ
والأرضُ أضحتْ بُعَيْدَ الرُزْءِ باكيـةً والطيرُ أَمْسَـى لفَقْدِ الحِبِّ ذَا شَجَنِ
والقلبُ أِظْلَمَ مِنْ زُرْءٍ ومِـنْ حـَزَنٍ والدَّمْعُ أسْبَلَ مِثْلَ العَـارِضِ الهَتِنِ
فَقْدُ الرِّجَالِ كفَقْدِ المَاءِ فِي ظَمَــأٍ أو فُرْقَـةِ الرُّوحِ عِنْدَ المَوْتِ للبَدَنِ
يَا هَامِرَ الغَيْثِ كَمْ أحْيَيْتَ مِنْ مُـهَجٍ وكمْ سَـقَيْتَ لُبَابَ الفِكْـرِ ذَا فِطَـنِ
سُمِّيتَ فَتْحِي وآلُ العِـزِّ مِـنْ يَكَـنٍ لو هَانَتِ الأرْضُ مَا هَانُوا ولمْ تَهُنِ
قدْ كنتَ شَيْخِي لأهلِ الفِكْرِ سـَـاقيةً فَتْحٌ مِنَ اللـهِ لولا اللـهُ لمْ يَكـُنِ
يا منْ سَمَوْتَ عَنِ الدُّنيَا وَزُخُـرُفِهَا والحُرُّ يَسْمُو عَنِ الأوْشَـابِ والعَفَنِ
كمْ عِشْتَ حرًّا عَزِيزَ النَّفْسِ ذَا أَدَبٍ يَسْمُو فؤادُكَ يا شيخِي عَنِ الضًَّـغَنِ
شــعاعُ فِكْـرِكَ فِي الآفاقِ تعرفُـهُ أرضُ العروبةِ مِنْ شَـامٍ وَمِنْ يَمَنِ
ما ازدانَ لبنـانُ إلاَّ بعدَ مـَوْلِـدِهِ كأنَّهُ قَمَـرٌ فِـي صَـفْحَـةِ الوَطَنِ
واليومَ فارقتِ الأوْطَــانَ طلَّـتُـهُ وَغَابَ عنْهَا شَدِيدُ البأْسِ فِي المِحَنِ
وودَّعَتْـهُ طرابلـسٌ وقـدْ لبسـتْ عَبَاءَةَ الغَـمِّ تشـكُو غَيْبَةَ الحَسَنِ
وقدْ تردَّتْ مُسُــوحَ الحُزْنِ باكـيةً لمَّا لَبِسْـتَ أبَـانَـا حُلَّـةَ الكَـفَنِ
مَضَـى الفَقِيدُ وفِي أكْفَـانِهِ دُرِجَتْ مَعَـالـِمٌ في دُرُوبِ الخَـيْرِ لمْ تَبِنِ
معالمٌ فِي سـِـمَاءِ المَجْدِ سَـاطِعَةٌ تهدِي القلوبَ بِفِكْـرٍ وَاثِقِ السُّـنَنِ
يا مَنْ سـكنْتَ بقلبِي غَيْرَ مُرْتَحِـلٍ طولَ الحياةِ ولمْ تُعْرِضْ عَنِ السَّكَنِ
وجْدِي عليكَ إِمَـامِـي مَالَهُ سَـكَنٌ قدْ كادَ حُـزْنِي عليكَ اليومَ يقتلنِـي
شبَّتْ بقلبِي شُـجُونٌ لا انْطِفَاءَ لَهَا وَعَـادَ قَلْبِي بِحُزْنٍ غَيْرِ مُكْــتَمِنِ
هَوَتْ عَلَيَّ سِــهَامُ الرُّزْءِ نَافِـذَةً وكلَّ حينٍ جِيُوشُ الغَـمِّ تَطْرُقـُنِي
آهٍ عَلَى زَمـَنِ الآلامِ كَـمْ عَصفَـتْ بِالْقَلْبِ رِيحٌ مِنَ الأحْزَانِ تُؤْلِمُنِـي
قدْ كانَ صوتُكَ قَبْل المَوْتِ يُؤْنِسُـنِي واليومَ ذِكْـرَاكَ للأشْـجَانِ تُسْلِمُنِي
فارقتَ أرضـًا وما فارقـتَ أفئـدةً تحيَا بحبِّكَ فِي الإسْـرَارِ والعَلَـنِ
قدْ ذاع صِيتُكَ فِي الآفاقِ يملؤُهَــا طِيـبــًا تَرَدَّدَ بَيـْنَ الأَنْفِ والأُذُنِ
أحْرَزْتَ شيخيَ بالإسْـلامِ مَكْرُمـَةً مَا كانَ يعرفُهَا كِسْــرَى وذوُ يَزَنِ
طوَى الزَّمَانُ عليهمْ ثَـوْبَ تربتِـهِ وحسنُ ذكرِكَ لا يطوَى مَدَى الزَّمَنِ
قدْ كانَ سيفُكَ للإســلامِ مُنْصَلِتـًا يُعْلِي اللـواءَ وَيُبْرِي هَامَـةَ الوَثَنِ
وكـمْ بذلتَ لديـنِ اللهِ مــِنْ دُرَرٍ وكمْ دفعتَ لعـزِّ الدينِ مِـنْ ثَمَـنِ
جُوزِيتَ خَيْرًا عَنِ الإسْـلامِ يَا أَبَتِي جنَّاتِ ربِّي إلهِ العَـرْشِ ذِي المِنَنِ
يا ربِّ فاجعلْ لهُ الفردوسَ منزلـةً نِعْمَ المُقَامُ وَمَا أَحْـلاهُ مِنْ سَـكَنِ