بكـت العــروبُ عـلى مقـام بيات
قالت : فديتكِ مهجتي وجوارحي فابكي فصوتكِ من صدى آهـاتي
آهـــات ِقلــب قـد تـلـوّع بالأسـى وجنى الشجونُ به على البسمات
أبنـيـتــي : دمـعُ السقــيـم يـريحُه لـكــنّ دمـــع الظـلـم كالجـمـرات
تبكين مـــن ألـم فـأبـكـي حُــرقـة ما بال مــن تـبـكي مـن الظلمات
ما بال من أضحت- بلا ذنب- بلا مــــأوى ولا راع ٍولا حُــرمـات
وتحـمّـلـت مـا قـد تنــوء بحـمـلـه أمــمٌ ويـثـنــي هـــمّــة الـقــادات
ما بال مـن أضحت يتـيمة أهــلها وتـبــدّلــت قـــبــُلاتـها طـلـَقــات
فـتـمـيـل تـبكي تسـتـغـيـث لعـلـّها تسقي ضـمـيرا ً يـنـبـت الهـمّات
وتعــودُ خالية الوفــاض كطـالـب ثـمــرا ًبـسـقـيـاه لأرض مــوات
هـل دمعُـها روحٌ فيحـييَ أهـلــهـا أم مـنـــقـذ ٌ قـد عــاد بالـثــارات
أم صرْخـةٌ بضـمـير شـعـب ميّتٍ أمـسـى يـسـيّرُه هـوى الـشهوات
لم لا وقـد خُذلـت وضُـيِّـع حـقـُّـها وغـدا سـبـيل العــون بالدعَـوات
واستُبدلت لغـةُ الجـهـاد بأحــرف لم تحـو غـيـر الذلِّ فـي الكـلمات
رشقُ المـدافع صار فيض مدامـع مـنّـا وصـوتُ ســـلاحـنـا أنـّـات
أما الأخـوّة فاضـمـحلـّت واكـتفت بجـلال معــنـاهـا عـلى الورقات
ولربـما قـد تـسـألـيـنـي يا ابنـتـي
هذا الذي أضـنـى الفـؤاد بنـيـّـتـي وتـدفـَّـقـت ثـكـلـى بـه عـبـراتـي
لا تحسـبـي أنـي جـنحــت لسلـوة أو أنـنـي قد حـدت عن غـايـاتـي
روحان في جسـدي حياتـي فيهما روح الأخــــوّة ثــمّ روح الــذّات
وجراح إخواني إذا نـزفـت فـمـن قـلـبـي تـسـيـلُ ومهجتي ودَواتـي
لـكـنـّـنا قــد حــال فـيــمـا بـيـنـنـا شــرعٌ تـحــدّر من يـراع طـغـاة
حكمـوا البلاد وقـطـّعوا أوصالها وسعوا وراء الظـلـم سعي غـُزاة
وغـدت بـلاد المسلمـيـن بعهدهـم سـجـنـا يحاصــرُ مسـلم َالرّايات
فالحرب ليسـت ضـدّ غــزو إنـّما ذي الحــربِ حــربُ عـقـيـدة وثبات
قــد طـوّقـونا بالمـلوك وجـنـدهـم فتـحــصـَّن الأعـــداء بالـقــادات
وتـقـاذفـتـنـا النائـبـات وأنـشـبـت - باسم الحدود- بجسمنا الطعـنات
وغـدا أبوك كضـيغـم في ســجنه صـلب ِالمراس مـقــيـّد ِالحركات
لـكــنـَّنـي لـن أسـتـكـيـــن لظـالـم ولغـيـر شــرع الله لـسـت أواتـي
ففــؤادي المــوّار نـار مـشـاعــر سـتـثـور تـعـصف بالعدوّ العاتـي
سأظـلّ معـتـصـما بـديني حامـلا ً هـديَ النـّبـي مـهـنـَّدي وقــنـاتـي
وأشعّ في الظلمات شمـس هـداية حـتـى يـبـدّد نـــورُها الظـلـمـات
وأُعـدّ مـهمـا استـطـيع وأرتضي مـــن قـــوّة لتـكـون باب نـجــاة
هـذا قريضي بـوح هــمٍّ يا ابنـتي قـد بـثّ ما في القلب من زفرات
أرجو به نصــرا يحــرّر قــلـبـنا مـن أسْر حـبّ الذات والشهـوات
حتـى نحـرّر أرضـنا من أسرها ونـشـيـدَ مجد الـعـِزّ بـالعـَزمـاتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عروب : ابنتي وفلذة كبدي الصغيرة ، وقد مرضت وعانت وأصبحت تبكي من الألم وكأنها تنشد على مقام البيات الحزين ، فأثارت شجوني فكتبت هذه الأبيات ، رابطا دموعها بالدموع النازفة المظلومة في فلسطين الحبيبة وشتّى بقاع الأرض