الموت نادى : حان منـك رحيـلُ
إنَّ الفراق عـن الحبيـب جليـلُ
دوَّى بأرجاء المدينة في الضحـى
نبـاٌ لـه مهـج الرجـال تـزولُ
مات الـذي كـان الإلـه خليلـه
أوَ هل أعزُّ مـن الإلـه خليـلُ!
هذا عتيـقٌ قـد نعـاه لصحبـه
ونعاه فـي أهـل السمـا جبريـلُ
الله يـا أيـدٍ بحـجـرةِ أحـمـدٍ
تًرباً على وجـه الرسـول تُهيـلُ
أعلى المكارم والفضائـل والتُّقـى
أعلـى محمـدٍ التـراب يسيـلُ !
أ بـلالُ أخبرنـي فإنـي حـائـرٌ
عند الأذان بلالُ كيـف تقـولُ؟
أتطيـق لا تبكـي ولا تأسـى إذا
ذُكِر الرسول ولم يُجبْكَ رسـولُ!
المنبر النبـويُّ أجهـش بالبكـا
أسفاً ، وللجـذع القديـم عويـلُ
يا عين جودي بالدموع و بالدِّمـا
و لْتجرِ من غُررِ الشؤون سيـولُ
ما عاد يُشرق أو يضيء بدربنـا
منذ ارتحال المصطفـى التنزيـلُ
أوَ تبصر الدنيا الضياء وقد خبـا
نور السراج وأُطفـئ القنديـلُ!
حان الفراق فليس ثمَّـة فسحـةٌ
أما اللقـاء فهـل إليـه سبيـلُ؟
الدمع فاض من العيـون جـداولاً
والنفس من جزعٍ عليـك تسيـلُ
حجراتك الغرَّاء أوحشهـا الدجـى
ما عـاد يؤنـس ليلهـا الترتيـلُ
والحزن مهما طال فهو سينجلـي
أما عليك الحـزن ليـس يـزولُ
يـا زائـراً قبـر النبـي محمـدٍ
أبلـغ سلامـي أيهـا المرسـولُ
وسلِ الديـار إذا أنخـتَ بقربهـا
أين الحبيب أقـد طـواه رحيـل؟
فإذا صمتنَ ولم يجبنك قل لهـا:
ليس الذي ينسى الحبيب أصيـلُ
ستجيبك العبرات قبـل حديثهـا:
مـا للقضـاء إذا أتـى تحويـلُ
يا أنت إن قُطِعتْ بأسباب الـردى
سبـلَ اللقـا فودادنـا موصـولُ
وإذا مررتَ على البقيع فلا تـذرْ
دمعاً بعينـك لـم يرعْـه هطـولُ
و ابكِ الألى في طيِّه نشروا الهدى
والسيف مـن أغمادهـم مسلـولُ
يا ليـت أيامـاً لنـا فـي طيبـةٍ
بين الأحبـة يـا زمـان تطـولُ
بالله يا نسمـات طيبـة عرِّجـي
ليـلاً علـى صَـبِ إليـك يميـلُ
عوجي على وادي العقيق وأخبري
لمن الهوى في ضفَّتيـه يـؤول؟
إنـي محمِّلـك السـلام لـسـادةٍ
بـذل النفـوس فداهـمُ لقلـيـلُ
ربَّاه صـلِّ علـى النبـي وآلـه
إنـي بهـم يـوم المعـاد دخيـلُ
هذي دموعٌ من محـبٍ صاغهـا
شعراً وفي القلـب العليـلِ غليـلُ
والطيـر إن يفقـد حبيبـاً يبكـه
ولـه إذا حـلَّ الظـلام هـديـلُ