وَدَعَني القمرُ :
ــــــــــــــــــــــــ
وَدَعَني القمرُ ، فأمسيتُ بُعَيْد وَدْعهِ من البُرءِ ،،، مُوَدَّعا .
وصَرَمني من غير ِما سببٍ ، كأنّه حلال في سَنِّهِ التّرويع أن ،،، أُرَوَّعا .
وكَوَاني بجمر النأي ، كأنه أجاز في حكمه أن ،،، أُلَذَّعا .
وهجرني هجْر فاركةٍ ، وتركني بسرمد الليل ،،، مُفَجَّعا .
ومنعني مما تنضح شفتاه رضاباً ، فصرتُ عن لذّة معسوله ،،، مُقَدَّعا .
فما باله قمر ، تباعد خلف السحب الثقال ، وبها ،،، تدرّعا ؟
لأنظر ، فيرجع البصر حسيراً ، ومُفرِّق ما قد ،،، جمّعا ! .
يا وجه الصبح ، أراني لفرط سحر نحرك واللمى صرتُ ،،، مُصرّعا .
كيف عدلٌ ؟ إن شققتَ عن قلبي ، تَجِدُكَ على عرشهِ ،،، مُتربّعا ؟ .
وكيف عدلٌ ؟ إن شققتُ عن قلبكَ ، أراني لا أجدُ ،،، موضعا ؟
ألم يحْوِكَ الصدر يا قمر ، كقلبين في جوفِ المُحب قد ،،، تجمّعا ؟ .
وأحببتُكَ يا قمر ، حتى غدى عشقي في العالمين ،،، ذائعا ؟
ويحك ،،، كيف تتركني مهتوك أضلاعٍ ؟ ويكأنّي بِتُّ من لدن المفاصل ،،، مُخلّعا ! .
وويحك ،،، من ذا الذي وشى حتى صرمتني بعد أن كنتُ في حشاك ،،، هاجعا ؟
ثم أنفلتني صدّ وإن كنتَ لا تجيده ، غير أنك أودعتني مكانا ،،، بلقعا .
ألِأعيش في هلعٍ ؟ وحتى تكاد الجِنّة لخافقي أن ،،، تسمعا ؟ .
فمن العدل يا قمر إن أزمعت طيّ قيدي ، بحسن النظرات أن ،،، أُشَيَّعا .
والله إن لم يَثْنِكَ عِتابي ، لأنتَ من القلب براء ، والشرّ فيك قد ،،، أبدعا ! .
ولكن ، أنا الحسين لا يخبو الحب من لدنّي ، بل أحسّنه ليصير ،،، طيِّعا .
وأرسمه كحدائقٍ ، حُفّت بالزهر والورد ، نفحها أريج ، وأما عبيرها فمنذ ومنذ ، قد ،،، تضوّعا .
فحق لوجهك يا فدتك الروح أن تبيت هانئا ، وحق لي في نأيك أن ،،، أتوجّعا ! .
فاسلم ونم واهنأ ، فما وجعي وسقمي في سبيلك يا قمر إلا ،،، تبرّعا .
أحبــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــك .
ــــــــــــــــــــــــ انتهى ـــــــــــــــــــــــــ
حسين الطلاع
29/9/2011
المملكة العربية السعودية – الجبيل .


ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
: وَدَعَني من وَدَعَ أي تركني وهي الماضي من كلمة دَعْ بمعنى أترك ،،، وفي هذا السياق يقال أن إحدى القراءآت للآيه الكريمة ( ما ودّعك ربك وما قلى ) جاءت بلفظ ( ما وَدَعَك ربك وما قلى ) أي ما تركك ربك وما كرهك .
ومنه أيضا ما ورد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولست أحفظ نصه غير أنه قال فيما قال : عن ودْعِهم الجمعات ، أي تركههم الجمعات .
: التلذيع هو الكي بالجمر .
: الفاركة هي الكارهة ، وهي للمرأة خاصة إذا كرهت الرجل .
: الرضاب هو الريق ما دام في الفم ،،، ومقدعا من القدْع وهو المنع وهو خاص بالإبل إذا منعت من الماء .
: البلقع هو الصحراء الخاوية .
: الخافق من أسماء القلب .
: التشييع هو المرافقة والمناصرة ، وهي على حسب موقعها من الجملة ، وهنا بمعني التوديع أو الوداع .
: الضوع هو الإنتشار وهو للأرياح خاصة والطيوب .