الليل :
ـــــــــــ
آذن الليل ،،، بعد أن طُوي النهار بشمسه ولحق بنهايته .
ليل ،،، ساد السماء والأرض ،،، وجعل يُضيّق على القُبح ويُجوّز السحر .
لا يُذم فيه هواء ، ولا تُستقبح فيه نسمه ! .
رائده خلع نعله ثم جعل يسير على النّقَا ، حيث أنبأته قدماه أن النعام أكذب نعومته على خَمْله ! فراح يحثو من البرقاء لتنصبّ كانها شذرات الذهب .
ليل ،،، توشّحته السماء التي ترامت إلى اتّساع في ملكوت دار على مناحي المشرق والمغرب ،،، ثم جعل يتمادّ ما تمادّ البصر ،،، غير أن البصر يرتدّ وهو حسير .
أسود ترقّت به سياده ،،، وأبرقت فيه النجوم ،،، وابيضّت الكواكب كلؤلؤ منثور ، وكفم حسناء انشقّ باسما عن أضراس كحبّات البَرَد .
ثم ،،، أضاء القمر ، فسبقت إلى النفس طُمأنينة .
واتّسع البدر فانحسرت عن النفس حيرة .
ثم ويحي من الهَوْل !!!!!! .
تيقّظتْ النائمة !!!!!!!!!! فبرزتْ ليكتبها الله لي عذابا .
وما خَطَتِ الخطوات كأنها الملاك ، حتى اخلولق التّيه والهُيام ! إن قلتُ أنه يُحسّ ويُجسّ فقد صدقت ! وإن قلتُ قد سرت به نسمة الحياة فما كذبت ! .
هُيام صيّرني صيد رماحها ! وذبيح فتكها .
وما تماسكت قواي إلا بانحرافها عن الفحش كالنفس الكريمة انحرفت عن الرذيلة ،،، وبما حُسن دُكّ فيها ما عُدتُ أعدل فيها قراب الأرض إناثا ! وإن ذببن على الجمال يتلقفنه فلا أبال ،،، وهيهات لهن هيهات ! .
ثم جعلت اللئيمة تنافس الليلَ وينافسها الليلُ ، تُزجيه سحرا ، ويرد بمثله عليها ألقا ،،، وتضحك فيرد الجبل أصدائها ، والليل أنغامها ،،، وما رأيتُ مبسما يبرق أجّا بسواد ليلٍ غير مبسمها ، فحُرت من أي سماء هبطت ! أو من أي أرض نبتت ! .
الليل ،،، يُكسب اللسان فصاحة وبيانا ،،، وهي تكسو الراشد جنونا .
الليل ،،، يخط للواردين مسلكا ،،، وهي ترسم لهم تيها .
ولكنه سلواي .
فما فضح هاربا ،،، ولا كشف عورة ، بل خَلَد إلى التكتّم والإسرار .
لَعَمري ما رأيت الليل إلا عيبة سِرّ الملهوف .
ـــــــــــــــــــ انتهى ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
حسين الطلاع
14/7/2001 م
المملكة العربية السعودية - الجبيل
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ

: النقا : هو تراب الصحراء النقي غالبا تنبت فيه الخُزامى .
: الخميل والخميل هو ريش النعام .
: البرقاء هي رمال الصحراء النظيفة أو هو السافي ومنه سميت الريح التي تحمله بالسافيات .
: ذببن أي ارتمين من الذّب وهو الرمي أو القذف ، ومنه لفظة ذُباب لأنه يذب نفسه على الأكل وما شابه .
: العيبة هي الحقيبة أو الجعبة التي تخفي بداخلها شيئا ما ،،، ومن ظرافة هذه الكلمة كلمة عيب المتداولة بين الناس ،،، وهي ليست تعني بالضرورة الشيء المخجل ، بل هو المستور المخفي ، فعلى وجه التشبيه نجد أن الحقيبة أقرب للمعنى طالما هي مغلقة على محتواها ، وكالصدر عيبة للسر .
ما أروع لغتنا وما أروع أخلاقها لو كانت رجلا .