أنا ..والنّفس ..والـمُشْتَهى

ما سقط من حديثٍ شيّقٍ بصالون الرّافعي

" أنا - يا نفسُ – أراني- بِغيركِ - ريشة ًتودُّ أنْ تقفَ على بساطٍ من ريح هفيفٍ، ولكنّها تـخافُ ألاّ تستقرَّ على أديـمٍ، أو شجرةٍ، فيتحوّلُ طيرانُه مغامرةً، تستجدي الـمتاعبَ والمهالكَ، وما حولَها ضاحكٌ مُستأنسٌ .. نشوانُ يبسطُ يدَهُ لكي يأخذَ بيدكِ.. وأنتِ على شفِيرِ نار ٍ مُحرقةٍ، أو على شفا فُوَّهةِ قمّةِ كبرياءٍ زائف..! وأنا بينَ طريحِ حظ ٍّ مُستشيطٍ بأملٍ ، لا ينازعُهُ عزمٌ، وبينَ متأمّلٍ في الحياةِ، وهو يصارعُ آمالَ كاذبةٍ.. تقفُ بهِ على شُرفةِ ما بقيَ لها من ذكرَى"..

-ردّتْ ( وهي تمسحُ نُقطةَ عَرَقٍ جارية ًعلى جبينها الوضّاءِ )..قائلة :

- "لا تخفْ دَرَكَ المغامرة.. مادُمْتَ تسْعى لأنْ تكونَ فوقَ بساطٍ لا يعترفُ إلاّ بصعُـودِ الفوارسِ الأُباةِ عليهِ.. ومادامَ العزمُ بين تلابيبِ إرادتـكَ خلاّقا..! وكمْ كان لهُ من حظ ٍّوافرٍ وهو يناورُ تحتَ سحُبِ وتيّاراتِ الصّراع منْ أجلِ الحياةِ صقورًا أبتْ إلاّ صُحبـةَ الأعالي، ونسيمَ الليالي العطاشِ، لفجرِ مَنْ ذكرُوا الشّمسَ بخيرٍ، فكانتْ لهم خيرَ عَونٍ في ظلماتِ البحثِ عن ذوَاتِهم "..

- ثم اسْتأنفتْ حديثَها بعد أن أخذتْ نُغبة ً من ماءِ الحياة.. وقالت :
"الدّنيا صراعٌ بين جبلين، الأوّلُ ملآنُ ثلجٍ، يتعشّقُ نسْمةً حارّةً، تُذَوِّبَ بعضَ ما عليه من جُمودٍ.. والثّاني لمْ يسلمْ سفحُهُ من هجيرِ الأيّام، يتمنّى أنْ لوْ يَذُوبُ على قمّته بعضُ ما تمنّى صاحبُه من زوالٍ.. وكلاهما يتأجّجانِ أملا وألـمَا.. !".
فكُنْ بعضَ هذا، وكُنْ بعضَ ذلكَ..ولا أحسنَ مِنْ نصفيْن يعيشُ أحدُهُما بأمنيـّةِ الآخر، ويكمّلان بعضَهما حبًّا و كرامه .



الجزائر 2008