لكِ أن ترصّي الوقتَ آنيةً ،
تلمِّي كلَّ أشتاتٍ
لعصرٍ لا بروقَ بهِ سوى عينيكِ ،
تنهمرانِ شُهبًا
توقظُ المدُنَ الغريقة .
هذي الشوارعُ لم تكُنْ من قبلُ
حتى وقّعت عيناكِ قِبلتَها
وتلكَ أماكنٌ
كانت بلا أسماءَ
قبل حروفكِ الأولى
حوانيتٌ بلا عددٍ ، تمدُّ وجودَها
لحضور خطوتكِ الرشيقة .
لكِ أن تجوبي فوقَ عُشبِ الروح ،
فاتحةً لنا بابَ المدينةِ
شارعٌ
ينسلُّ من ميدانهِ
ليقودَ رُكبانًا
إلى أوركسترا العشقِ القديمِ
حديقةٌ
تلتفُّ في أسوارِها
ومباهجٌ أخرى ،
وأسرارٌ تربّت في حنايانا
فخاخًا
تعتريها لحظةٌ
فتفرُّ ،
أو تهوِي على طُرقٍ عميقة .
لكِ أن أُمسِّدَ ربوتيكِ ،
وأنتِ تنفلتينَ مثلَ يمامةٍ وجْلَى
وترتعشينَ من وقعِ المطرْ
فتفرّ أسرابٌ من النحلِ المخبَّأ في الخلايا
ينتشي عسَلُ الكلامِ
إذا استوى خلْقًا جديدا
للأصابع رعشةٌ ، إن مسَّتِ الورقاتِ
والطفلُ البعيدُ
يجيشُ من بين السطور
فكم تعلّقَ عاشقًا ،
بتخلّقِ النبعِ الأثير
وكم تكتّمَ ، أو تلظّى بالنبوءةِ
والسماواتُ التي شهدتْهُ مُحترقًا بأغنيةٍ
ستشهدُ – دونما قسمٍ –
وتغلي بالبروقِ
إذا عصاهُ القولُ
أو همّت بيُسراهُ القصيدة .
لكِ أن تلوحي
آيةً كالنجمِ
واثقةً
وثاقبةً
تصُبّي ضوءكِ المصهورَ
لي
صورًا ، وأقداحًا فريدة .
لكِ أن تكوني مثلما وعدٍ تبَدَّى
كانبلاجِ الوقتِ عن عُمرٍ بديدٍ
فاقطُفي
من آخر الحقلِ البعيدِ
مرارةَ النارنج
واستمعي لبكّائينَ
ما حازوا فراشاتٍ
وما خبروا مدارات الشُّهُب
سيجيءُ يومٌ للصّوابِ
ويرجعُ الباكونَ
نحو الراحِ ، من وادي التعب
ويظلُّ نايٌ واحدٌ
ينداحُ في ترنيمةٍ أخرى
لأُنثاهُ الجديدة .