خَمسونَ عامًا والْفُؤادُ يَبوحُ
والرُّوحُ تَغْدو بِالْهوى وتَروحُ
خَمسونَ عامًا كُنْتُ أحْسَبُ وجْهَهَا
كَأْسَ الْغَرامِ يَمَلُّني فَتُشيحُ
خَمسونَ عامًا كمْ ظَنَنْتُ مَراكِبي
تَرْمي الْمَراسي والْمَغيبُ يَلوحُ
أوْ أنَّني ما عادَ يُثمِلُني الْغِوى
لَوْلا وَقَفْتُ بِبَحْرِهِنَّ أصيحُ
اللهَ ما تلْكَ العُيونُ؟ تَؤُمُّني
مِنْ سِحْرِهنَّ وَقائِعٌ وفُتوحُ
راجعْتُ فَجْري في شُروقِ صَباحِهِنْ
نَ وَشَدَّني نَحْوَ الشَّبابِ طُموحُ
في صَمْتِها الْمَكْبوتِ صَرْخَةُ ثَوْرَةٍ
وتَمَرُّدٌ في الْحاجِبَيْنِ جَموحُ
وعلى شَواطِئِ حُزْنِها رغْمَ التَّجَلْـ
لدِ تَحْتَ أمْواجِ الدُّموعِ قُروحُ
وعلى خُيوطِ الرِّمْشِ قِصَّةُ زَهْرَةٍ
تُهْدي الْبَرايا بَهْجَةً وتَنوحُ
في عُمْقِ نَظْرَتِها عَوالِمُ دَهْشَةٍ
والطَّرْفُ كَوْنٌ لِلْبَهاءِ فَسيحُ
في خَدِّها احْمَرَّتْ مَواسِمُ فِتْنَةٍ
والثَّغرُ نِدٌّ لِلشُّموسِ صَريحُ
النَّفسُ كالرَّيحانِ فاحَ عبيرُها
والقلبُ من نبضِ النَّقاءِ سَموحُ
والْحَرْفُ إمَّا طالَ فاها غَرَّدَتْ
وأتاكَ شَدْوٌ آسِرٌ وصَدوحُ
هَيَ في لُغاتِ الرِّيحِ أجْمَلُ نَسْمَةٍ
ونَدًى بِعُرْفِ الْوَرْدِ حينَ تَسيحُ
مَنْ ذا يُؤَوِّلُ لِلنُّجومِ مَواجِدًا
أمْ مَنْ إذا تَعِبَ الْكَلامُ يُريحُ؟
مَنْ ذا يَصوغُ الْآهَ مِثْلَ شُجونِها؟
روحٌ تُغَنّي .. كَيْفَ تُطْرِبُ روحُ؟
أدْرَكْتُ أنَّ الْقَلْبَ يَأْبى أنْ تَجِـفَّ
عُيونُه .. هذا الوريدُ نَضوحُ
خَمسونَ عامًا ما ذوى فيها وقا
مَ ولمْ تَزَلْ تُبْنى عَلَيْهِ صُروحُ