جيلنـا .. وامتزاجُ الحِبرِ بالحُزن ..!

توطئة

" افعل ما تشعر في أعماق قلبك بأنه صحيح
لأنك لن تسلم من الانتقاد بأي حال .."

مترنحاً يحاولُ العبور إلى الضّفة الأخرى ، هناك حيثُ أودعَ أغلى الأحلام والأمنيات ..
بهدوءٍ يعبر ، ودون ضوضاء أو ضجيج ..!
إنه الجيلُ الصّاعد نحو الأمل . دعوه يعبر بسلام ..
لا تعرقلوه بانتقاداتٍ قاسية ، ولا تنعتوه بتهمةٍ أنتم اقترفتم معظمها ذات خيبة ، بل دعوه يسيرُ وإن أبطأ ، واسمحوا له أن ينهضَ وإن سقط ألف مرّة ..! فهو جيلٌ قويّ وإن كانت بنيته ضعيفة ، كلّ ما يحتاجه الآن جرعة من أمل ، وكثيرٍ من الحب يقوده حيثُ أراد .

ولد هذا الجيلُ المتهم باليأس والحزن في مهدٍ محطّم من ويلات حروب ، فرضع الأسى والخيبة ممن سبقوه ، وذاق مرارة الهزيمة فشَرِقَ بها ، ولم يستسغ طعمها ، وبات يحلمُ بيدٍ تنتشلهُ من إرثِ الخيبة ، واستيقظ على وقعٍ حزين فبكى .. فأسموهُ جيل الحزن ..!

بهذه التُّهمة يرشقونهُ دائماً ، فيحطموا بداية حلم مولود في داخله .
كلما سار إلى الأمام تهادى إلى سمعه كلماتهم .. لن تصل !
وكلما رسم قصور أحلامه داسوا عليها بأقدام منهزمة ، فأحالوها إلى قلاع رملٍ يبتلعها الموجُ في لحظة .. وكلما حاولوا البحث عن بصمةٍ واضحة في هذا الجيل برزت التهمة .. إنه جيل الحزن ..!

جيلُ الحزن .. أكذوبةٌ صيغت من وهم فصدّقها أبناء الجيل ، وراحوا يحفرون بمرارة قبور الأمل في داخلهم .
ارتسمت ملامحهُ على وجوههم مثل غيمة قاتمة ، ونشب أظفاره في طريقهم فتخلوا عن حقيقة قوّتهم ، وفضّلوا الاستسلام لليأس دون محاولة للدفاع عنه ، ولو بكلمة ..
حتى الكلمات فاضت بالأسى ، فاحتل الحزن فنون الشعر والنثر وبسط نفوذه ببراعة ..

ويبقى تساؤلٌ ملحٌّ هنا .. هل الحزنُ موجودٌ كحقيقة راسخة لا جدال فيها ؟
ولم يسلط الضوء على الجيل اليائس وتطفأ الأنوار فتظلمُ دنيا النجـاح ؟!

في جيلنا كنوزٌ لم تكتشف ، وطاقاتٌ هائلة لم يتم تسخيرها ، وشموسُ أمل .
وتجاربُ النجاحِ كثيرةٌ لا تحصى ، والذنبُ ذنبنا إن كنا لا نبحث ، ولا نقـرأ ..!
إننا لا نحتاجُ لأن ندافع عن أنفسنا ، أو ندفع الاتهامات عنها بقدر ما نحتاج لأن نسير خطواتٍ راسخةٍ باتجاه الأمل .
نحتاجُ لأن نضاعف الجهد في العطاء ، وأن نزيد الطاقة في الإنتاج ، وأن نرقى بعقولنا عن التفكير في بؤر السواد .وكم نحتاج لأن نزرع في قلوبنا حقول سنابل من خير كي تطغى على هشيم الفشل الذي امتدّ ردحاً طويلاً من الزمان .
وإننا في كلّ ذلك لا نقدم شيئاً جديداً لأمة اعتادت النهوض بعد الفشل ، فغذاؤها نورٌ مبين ، وعمادها دين قويم . أمة ستبقى قائمة على الأمل تنتظرُ فرسان المجد ليحملوا بشجاعة رايات عزّها .