تفاحة الخلد
شعر / أحمد الأقطش

حينما رفـرف الحمام عليــنـــا
وتجلَّى المـــساءُ في ناظـرَينا
واحتوتنا الأيامُ في راحتيــــها
واحتــــوينا الأيــامَ في راحتيـنا
وارتحلنا في عـالمٍ من أثـــيـر
وصــــعدنا فـــي أفقه وهوَيــنا
ففَرَقنا البحارَ حتَّى عــــبَرنـــا
وارتقينا الجبــال حتى انتشينا
وعرَجنا إلى الســــماءِ سـوياً
وعلى عرشنــا البهيّ استوينا
وأحاطت بنا الطواويسُ ولهَى
ما احتفت بالنعيمِ حتى احتفينا
وشربنـــا مـن الهـيامِ كؤوساً
مـــــا ظمئنا .. لكـنّنا ما ارتويـنا!
وانثـــــنينا إلى الجنان نغـنِّـي
قبــل أن تنثني فتـأتي إليـنـــا
حــــــينها لم نظنّ أن المنايا
قد تسدّ المدى وتعوي علينا !
فإذا الروح ومضةٌ تـــــتلاشــى
وإذا نـحــن في العـــراء ارتمَينا
أوَ كُنا نعيشُ في بطــن حـوتٍ !
أإلى الكــهف والــرقيــم أوَينا !
الطيور التي التقيـــــنا كثيــــراً
أنـــكرتنا .. كــأننا مـا الـتقينا !
والبلاد التي مـــــــررنا عليـهــا
ومســاءاتـــنا التي قد قـضينا
موجة البحر والشـــراع المولِّي
والرياح التــــي أهاجـت كِلَيـنا
اختفى اليومُ من كئوس الحيارى
واختفى الأمسُ قبله واختفينا
أيها العمر كنتَ تمضي وئـــيداً
فلماذا انطــلقتَ بيـن يـــدَينا ؟
ولماذا ارتقيتَ حين هبــــطـنا ؟
ولماذا هبطتَ حيـن ارتقيـنا ؟
لم نكن في السماء نسترق السمـ
ـعَ ومـا كــان مِـن بُـــراقٍ لدَيــنا
ما أكلنا تفاحةَ الخــــــلد يومـاً
أو ضللنا من حيث كنا اهتدينا
ما طُردنا من جنةٍ في الأعالي
أو عصَينا الإلهَ حيــــــن أبَـينا
إنما ننشد التــــــراتيلَ حـتَّى
تعلم الروحُ كيف تفنى وأينَ ؟
قــــد تكون الحياةُ أكثر خصباً
يـا فتاتي مِن كلّ ما قد رأينا
فــــإذا لوَّحَت يــــــدانا وداعـاً
وابتـدأنا من حيث كنّا انتهينا
فاطرحي حزنكِ القديم وغنِّي
وكُلي واشربي وقـرِّي عينا !