
أسيرُ في دربٍ مفروشٍ بأصدافٍ تكسّرتْ تحت أقدام المارقين، تسندني وحشةٌ ما لي غيرها، فتهزأ بأوجاع روحي تشققات الأرض، تنفتح مساماتها لتبتلع أنوثةً غضّة قد فارق الربيع يومها و ما عاد، وغفت على أعشاش روحها غربان الزيف، تمتطي وجه البراءة المزيفة، لتكشّر عن أنيابٍ حادةٍ حدّ قطع عنق أمنياتٍ صغيرةٍ، ما كان لي غيرها زوادة. تحملني على نعشٍ أبيضٍ، وكلّ حاملي جنازتي أحبابٌ غابوا عن وجه الحقيقة، وخانتهم لغة الصدقِ، وصمتوا والموؤدة تتقاذف روحها أعاصير حمراء، فتملأ جرّة ذكرياتها بسموم الغربة، تشرب نخب الضياع، وتدفن برحيلها آلاف الصور والذكريات. محملة بوزر الخطايا، تنزرع في أرض الغياب لتنبت أشجاراً من صلصالٍ مفجوعٍ بذاكرة الذين وعدوا، وأخلفوأ فكانوا وجهاً آخر للزيف.
يا ذلك الحلم الجميل..أين ضاعت اليوم براءتي؟ وأين مفتاح الغوث الذي وعدتنيه ذات هفوة حافلةٍ بأمطارٍ زائفة..تهطلُ على رؤوسٍ وجعي، أشرب منها ولا أرتوي، ولا تنطفئ ناري..
يا لوعة أيامي، ما عاد اليوم للطيفِ ألوانٌ ولا للوردِ عطرٌ، لا للقمر ضوء، ولا للشمسِ نورٌ، فكيف ينام جفنٌ قد زُرِعتْ تحت عباءته سكاكين أمطرتها سماء الأحبة، وما كانوا في يومٍ لي أحباء..!
يا سُفن صدقي، لملميني، ضميني بقوة، وأبحري بي بعيداً إلى أرضٍ يغمرها الصدق والوفاء، وجرديني من باقي أحلامي وأمنياتي، فما بات لي اليوم حلم سوى العيش على أرض لا يسكن الزيف فيها، ولا تحكمها غرائزُ أو شهوات!
منى الخالدي
23\06\10