غربة الشك
دارتْ بقلبي همومٌ سُحْبها تدِقُ
وأُضرِمَتْ فيه نارٌ لَفْحُها صَعقُ
وجاشت النفسُ بالأحزان ِ قائلةً
يا سَورةَ الشكِّ للأقدارِ ننطلقُ
نمضي إليها وما بالدرب من عِوَجٍ
إلا إلى الأجل المَحتوم نستبق ُ
قد نزرعُ الأمنياتِ النفسُ تكسبُها
ونبذلُ الوِسْعَ في الأقدارِ تنبثق
لا نرتضي كسلا لكننا أملٌ
أحلامُنا قلمٌ أزماننا ورقُ
وما بغير النوايا خطَّ كاتبُنا
يا خِلَّتي بالنوايا يُفتحُ الأفقُ
منها تُحَدِّدُ آفاقُ الدنى سِمَة ً
بيضاءَ أو بسوادٍ حسبَ ما نطقوا
هذا هو الآدميُّ العزمُ ديدنُه
والله يقدر أقدارًا بها نثقُ
يا ظبيةَ البان إني في الهوى كـَلِفٌ
لستُ الغَوِيَّ ولكنْ خاطري نـَزِقُ
أرعى نجومَ السما والليل مُعتكرٌ
يا حاملاً همَّ قلبي هدَّني الأرَقُ
نامت عيون الدُنى والسُّهْدُ لي قَدَرٌ
في قَفْوِ من جَفَّ في تـَذكاره الرَمَقُ
أغـْلِقْ أيا قلبُ عن أهلِ الهوى طُرُقا
نحو الذي غالَ قلبي وَحدَها الطُرقُ
أهواهُ طيفاً على سامٍ يُساهرُني
يا طيفَ خلي تُرى ما نالكَ الرَّهَقُ
يا أيها التُربُ كيف الوقتُ تنفقُه
هل ترقُبُ الغيمَ و الآمالُ تحترقُ
أم تحتسي حلمَ قومٍ فيكَ قد دُفِنوا
خالطْتَ أبدانهم والحُلمَ تسترقُ
يا صاحبي التربُ بي تَوقٌ إلى خبرٍ
يا ليتهم رجعوا والعصرَ قد رمقوا
ما قولهم يا ترابَ الحيِّ في وطن
من دونه بالقنا أكبادَهم خرقوا
قل أيا تربُ كنتَ النسغَ في دمهم
ما لي أراك غَلتْ في صدرك الحُرَقُ
قف لا تجبْ ربما حملتني حرجًا
ذا فعلُنا . عن جوابٍ صدَّنا الفَرَقُ
مالي أسائلُ عنها .أعْظُمٌ بليتْ
وعظميَ الصَّلدُ في الأخبار ينسحقُ
يا أيها الماءُ يا نجوى الحياةِ فكم
سارتْ وراءك أظعانٌ لنا نَسَقُ
ما عُدتَ تصفو سوى سيلٍ بمَدْمَعنا
كم سِرتَ في أرضنا حين الرؤى غَدَقُ
يا ماءُ هل غَيَّرَتْ مَجراكَ أنفسُنا
أم قد تعبتَ على الأزمانِ تندفق
قف لا تُجبْ ربما حَمَّلتني حرجًا
من الجوابِ هنا قد رابَني القلقُ
يا ريحُ يا غيمُ يا نجمٌ يراقبنا
يا شعرُ هل تاهتِ الأحلامُ والرَفَقُ
مالي أراكم نيامًا عن لظى حَنقي
أم لا تـُريدونَ نجوىً شابها الحَنقُ
أم أنتُمُ ضِدَّ حُلمي في تَمَرُّده
إذ هكذا تُهَمُ الأحلامِ تـُخْتلقُ
عذرا أيا صحبَ تاريخي على ثِقلي
بنفسيَ اليومَ حتى لم أعدْ أثقُ
وقد خشيتُ خيالاً قد يُراودني
يقودني نحو سجنٍ ماله غـَلَقُ
قد يُأسَرُ النهرُ إن لاقيتُ ساحلَه
أو يـَفقدُ الأمنَ إنْ أشجانيَ الشفقُ
وما فككتُ من الأصفادِ سلسلةً
إلا وحاقتْ على صدري بها حِلَقُ
يا موئلَ الدمعِ يا حُزْنًا أيا وطني
لفـَّت حواشيكَ أسقامٌ بنا طَبَقُ
ما قد تراني أنا المَكلومُ في زمني
إلا وبي فيكَ من ضيمِ الأسى مِزَقُ
أو أحملُ الفخرَ فيك اليومَ أحْطِبُه
في نزفِ فخرٍ مضى قد طالني الغرقُ
يا عاشقـًا فيه أنـَّاتُ الجوى مِزَعٌ
وكيف تحملُ من حُلمَ الصِّبا سرقوا
يا صابرًا ما لهذا الصبرِ من نـَفَدٍ
أما بحلقكَ من شُربِ الضَّنى شَرَقُ
يا مولدًا عَسِرتْ في صمته رحِمٌ
ما غاظك الصوتُ في ميلادِ من شَهقوا
قل أنتَ أهلُ الفخارِ الأرضُ قاطبةً
من نورِ وجهك قد نالها الألقُ
قل أنت صَفوُ المياهِ البَرْدُ أعذَبَه
وأنت فجرٌ بكى من دَلـِّه الغَسَقُ
قل أنت قـُدسُ الثرى والخيرُ منك جرى
وأنت سَمْتُ الذرى والنورُ والحَدَقُ
قل منك نالتْ متونُ الخيلِ هيبتَها
يا خَطـَّةَ السيفِ و الأمجادُ تـُستبـَقُ
أنت الذي علـَّم الآسادَ صولتَها
وأنت من خضَّبَ الراياتِ تـُمْتَشقُ
وأنت مِلحُ الفتيلِ النارُ طَلْعَتُه
تـَضرى بمن في ثراكَ الحرِّ قد فَسَقوا
يا حاملَ الحلم ِوالأشجانِ يا قـَدَرًا
في رِقِّ حبكَ ثاوٍ ليسَ يـَنْعتقُ
وقد حملتُ دموعي والنوى كفنـًا
لهفي عليكَ من الأكفانِ تـُخـْتـَلقُ
أمشي كما سادرٌ في حالكاتِ أسىً
أنضو ثيابًا من الأرزاءِ تَلتصقُ
وقد وضعتُ فؤادي فيكَ أعْجِنـُه
في طينةٍ ماؤُها الآمالُ والعَرَقُ
وأسكبُ الشعرَ في روح ٍبك اختلجتْ
وعنك ما رابَها تِبرٌ ولا وَرِقُ
وما طلبتُ سواك اليومَ مُنقلبًا
وما عرانيَ في غير الثرى مَلَقُ
فاقـْبـَلْ أتاك عزيفُ الجنِّ في نـَغـَمي
روحيْ وشعريَ عنها ليس يَفترقُ