عفت الديارُ فما يجلّ مقامها
وغفت على أهدابها أوهامها
وتلعثمت بكلام حبّ عابر
فمتى يتيه على الكلام كلامها
ومتى تجئ على الاكفّ شموسها
ويضئ في سفر الهوى إبهامها
وغدت تساورها الشكوك بلحظة
هل ترعوي عن غيّها أصنامها
أو تستفيق من الرقاد غفاتها
كانت وبعض سكوتها آلآمها
ضجّت فضجّ الكون في تسبيحه
حمداً لمن دمه الطهور ضرامها
غصص على غصص تنوء بحملها
سودٌ كثيرات القذى أيامها
حتى آستفاق النور وآنبلج الضحى
وتوهمت يوماً يدوم ظلامها
حلم تبلله الفجيعة عنوة
وتدوسه مجنونة أقدامها
ويعود يشمخ في العيون مبهرجاً
والصبح أبهى ما يكون إمامها
عفت الديار وكانت الصبح الذي
ترنو إلى أنواره آرامها
متعثراً خطوي بجمرة موقد
جمراته بعضي وبعضي جامها
صبّاً يمزقني الجنون بغابة
سوداء يعلو في الصباح سخامها
عفت الديار وأيّ دار مثلها
تسعى الى ليل الخراب رئامها
وتخيّرت مدن خراب ربيعها
وقرىً تبلّد رأسها وعوامها
وتبيع من جهل بها أبناءها
ويُساق عمداً للظى أيتامها
وبيادر الجوع الممضّ مجاهل
غصباً الى موت يُساق نيامها
ما للأكفّ تضرّجت بدمائها
بيد البغاة مصيرها وزمامها
مدن تمزّقها الظنون وبعضها
خسف بأركان الهوى يستامها
نار تزغرد والأزقة تصطلي
وتجول مابين البيوت هوامها
بين التوجس والظنون ولوعة
في القلب نار فتّحت أكمامها
مجنونة لا ترعوي عن غيّها
مهما أطال بنصحها لوّامها
علّقت في كتف الرياح مواجعي
ومواسمي عادت يخور سنامها
وحدي أكابد ليلتي ونجومها
تغفو ويعلو في الصباح ظلامها
والليل يبتكر السكون لظلمة
فيها أنين العاشقين سلامها
والارض مجمرة الرياح قعودها
والابرياء وقودها وقيامها
هذي سمائي لا نجوم تضيؤها
فقدت خطوط مسيرها أجرامها
ورجعت أحصي في الدروب خسائري
عبرت عليّ مواكباً أقوامها